القيود على أداء الصلاة في الحرم القدسي الشريف، بل منعها وقمع المصلين، هي أحد الأوجه الظاهرة لديمقراطية إسرائيل في المنطقة! فبعد أن أمعنت في منع من هم دون سن الأربعين، من الوصول للصلاة في المسجد الأقصى، ها قد صار منعها شاملا وعاماً ولا يستثني عملياً أية فئة عمرية من الفلسطينيين، فهم جميعاً ممنوعون، وكون المرء فلسطينياً، تكفي للتذرع الإسرائيلي بتعطيل الصلاة في الأقصى، صلاة الجمعة التي يحرص مسلمو أرض الإسراء والمعراج على أدائها في الحرم القدسي. هذه العجوز الفلسطينية، شأنها شأن آلاف آخرين، لم تتمكن من دخول الحرم الشريف لأداء صلاة الجمعة، فاضطرت لافتراش سجادتها على عجل عند مدخل أحد الأبنية المجاورة على بعد، فاقتدت بإمام الجمعة وهي بالكاد تسمع صوته من هذا المكان. والقضية الفلسطينية أيضاً لا يكاد يصل صوتها اليوم إلى العالم، إلى المجتمع الدولي الذي يواصل سياسته: "لا أرى ولا أسمع". فهو لا يسمع صرخات المصلين تحت هراوات القمع الإسرائيلية، ولا آهات المحاصرين داخل أسوار الجوع والمرض والقصف. أما هذه العجوز التي أسدلت رداءها الأبيض وانقطعت في خشوع وتبتل، فلا يرى المجتمع الدولي رمزية الصفاء والسكينة والسلام في هيئتها... لكنه يرى السلام والديمقراطية والرقي... فقط في آلة القمع ومكينة القتل الإسرائيليتين!