كشفت "هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية" (تنمية)، في تقرير لها نشرت صحيفة "الاتحاد" ملخصاً له مؤخراً، عن أرقام لافتة للنظر وتنطوي على دلالات مهمة في ما يتعلق بقضية على درجة كبيرة من الأهمية على الساحة الإماراتية هي قضية التوطين. حيث أشارت الهيئة إلى أن نسبة التوطين في قطاع التجارة بلغت حتى نهاية العام الماضي 2009، 1,09 في المئة بواقع 3 آلاف و877 مواطناً ومواطنة في مقابل نحو 355 ألف وافد. ولم يتوقف الأمر عند حدّ النسبة المتدنية للتوطين في هذا القطاع وإنما امتدّ إلى مؤشر آخر هو تراجع نسبة التوطين في العام الماضي مقارنة بالعام السابق عليه، حيث سجل التوطين في عام 2008، نسبة 1,17 في المئة، وذلك بزيادة قدرها 0,08 في المئة عن عام 2007. قطاع التجارة من القطاعات المهمّة في الاقتصاد الوطني، وتخضع المنشآت العاملة فيه، والتي تستخدم أكثر من 50 عاملاً، إلى نظام الحصص الوظيفية المقرّر من قبل مجلس الوزراء، الذي يلزمها بتوطين ما نسبته 2 في المئة من وظائفها سنوياً. ومن الممكن أن يلعب هذا القطاع دوراً كبيراً ومؤثراً في عملية التوطين في دولة الإمارات، إذا ما التزم النسبة التي حدّدها مجلس الوزراء من ناحية، وتفاعل مع الجهات المعنيّة بقضية التوطين من ناحية ثانية، إضافة إلى توافر الدافع الذاتي لتوظيف المواطنين لديه وتوفير الظروف التي تساعد على تحقيق هذا الهدف، من ناحية ثالثة. لكن الحادث هو أن كثيراً من المؤسسات التجارية لا تلتزم نسب التوطين المقررة، بل إن بعضها يعمل على التحايل من أجل التهرّب من هذه النسبة، وفي ذلك قالت مدير عام "هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية" (تنمية)، مؤخراً، إن الهيئة رصدت وجود منشآت تجارية تعمل على تغيير نشاطها الاقتصادي من أجل التهرّب من استيفاء الحصص الوظيفية المقرّرة عليها، ولذلك فقد طالبت بوضع شروط صارمة لتغيير نشاط المنشأة حتى لا يكون ذلك أحد المداخل التي تلجأ إليها بعض المؤسسات للالتفاف على نسب التوطين المطلوبة منها. قرار مجلس الوزراء بشأن إلزام المنشآت التجارية، التي تشغل أكثر من خمسين عاملاً، توطين ما نسبته 2 في المئة من الوظائف سنوياً، صدر في عام 2004، وخلال الأعوام المنقضية على صدور هذا القرار كان يمكن أن تحقق نسبة التوطين قفزة كبيرة وملموسة في قطاع التجارة، لكن الأرقام تشير إلى العكس، وهذا يكشف عن مشكلة تواجه قضية التوطين في هذا القطاع تحتاج إلى معالجتها، والخطوة الأولى في هذه المعالجة هي تعرُّف الأسباب التي تؤدّي إلى تدنّي نسبة التوطين في هذا القطاع. ولا شك أن عدم التزام المنشآت التجارية النسبة التي قررها مجلس الوزراء هو أحد الأسباب، لكنه ليس كلها، وإنما هناك أسباب عديدة أخرى، تأتي في مقدمتها الظروف الوظيفية غير المواتية في بعض منشآت هذا القطاع من حيث الامتيازات والأمان الوظيفي وغيرهما، ما يجعلها غير جاذبة للمواطنين، وتفضيل المواطنين العمل في القطاع الحكومي على العمل في القطاع الخاص بشكل عام، وهذا ما أشارت إليه دراسة لهيئة "تنمية"، مؤخراً، قالت إن 82 في المئة من المواطنين أصبحوا يفضّلون القطاع الحكومي عادة للعمل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية