إن المتتبع للمناقشات، التي جرت أخيراً في مجلس الأمن قبيل استصدار قرار جديد يبين معالم الحقبة السياسية القادمة في الساحة العراقية، يلحظ أن روسيا وفرنسا وألمانيا والصين، وهي الدول التي عُرفت، في قاموس السياسة الأميركية- وبالتحديد أثناء اشتعال أزمة العراق الأخيرة- بعدة مسميات كـ (أوروبا القديمة -الدول المحاربة للحرية- الدول المتمصلحة) قد تعلمت واستوعبت جيداً درس الحرب الأخيرة على العراق، حيث استغلت الولايات المتحدة ميوعة القرارات الدولية الصادرة حول المسألة العراقية منذ عام 1990 وهو ما مكنها من الادعاء بعدم حاجتها إلى قرار جديد بعدما أغلقت تلك الدول جميع الأبواب في وجهها وحالت دون استصدار قرار جديد يبيح لها إراقة الدم العراقي تحت مظلة ما يسمى بالشرعية الدولية.
خلال الآونة الأخيرة وجدنا تلك الدول تقوم بتمحيص مسودة القرار الجديد فقرة فقرة حتى لا تقع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه في المرة السابقة، حتى وإن كان من المنظور الأميركي فقط، بغض النظر عما إذا كان للقرار تأثير فعلي على ما يحدث في العراق، وما سيحدث فيه لاحقاً، إدراكاً منهم بأن الولايات المتحدة لن تألو جهداً في المحافظة على مصالحها الذاتية والوصول إلى مبتغاها المتمثل في السيطرة على منابع النفط في العالم، ابتداء من نفط بحر قزوين مروراً بنفط العراق وهلم جراً.
إلا أن تلك الدول لا تريد أن تمنح الولايات المتحدة غطاء دولياً أو تسلم لها بالغلبة لأن هذه الدول أدركت الخطر الكبير الذي تمثله القطبية الأحادية على مصالحها في العالم، وخاصة أن النفط يعتبر مادة حيوية تحرك كل اقتصاديات تلك الدول وتعتمد عليه صناعاتها اعتماداً كلياً.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا