تستعد دولة الإمارات لإصدار خمسة قوانين اقتصادية، ستمثل عند إطلاقها خلال النصف الثاني من العام الجاري إعادة هيكلة لجانب كبير من الإطار التشريعي الاقتصادي في الدولة بوجه عام، وتتمثل هذه القوانين في قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وقانون المنافسة، وقانون الشركات الجديد، وقانون التنظيم الصناعي، إلى جانب قانون التحكيم. ومن المتوقع أن تمثل هذه الحزمة المتكاملة من القوانين خطوة جديدة تقطعها الدولة على طريق التنمية، وفي اتجاه تطوير مناخها الاستثماري وجعل بيئتها الاستثمارية من أفضل بيئات ممارسة الأنشطة الاستثمارية على مستوى العالم. ويأتي على رأس الإيجابيات المتوقعة للقوانين المرتقبة وبخاصة قانون الاستثمار الأجنبي المباشر لأنه سيتضمن توحيد السياسات والقوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي وتنسيقها على مستوى إمارات الدولة السبع، ويزيل التناقضات الكائنة في ما بينها، كما سيتخلّص هذا القطاع من المشكلات الناتجة عن عدم التنسيق بين الجهات والكيانات المتعددة المشرفة عليه بخاصة على المستوى المحلي بكل إمارة، والتي كانت تمثل في الماضي أحد أهم التحدّيات التي تقف في وجه الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى الدولة. ويعدّ هذا الإصلاح بالذات أحد أهم الإصلاحات التي تدخلها الدولة على بيئتها الاستثمارية سواءً في الماضي أو المستقبل، كما سيمنح قانون الاستثمار الأجنبي المباشر إعفاءات جمركية كبيرة على مدخلات الإنتاج للمستثمرين الأجانب. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا القانون سيدخل تعديلات مهمة على سياسات تملك المستثمرين الأجانب للأصول، بما سيفتح قطاعات ومجالات جديدة للاستثمار لم تكن متاحة من قبل أمام هؤلاء المستثمرين. وتشمل القوانين المرتقبة أيضاً العديد من البنود والمواد التشريعية التي تعالج بعض القضايا التي لم يتمّ التطرق إليها من قبل، والتي كانت تمثل في الماضي أوجه قصور في البيئة التشريعية الاقتصادية في الدولة، كاعتماد تعريف موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي القضية التي عانت قصوراً شديداً على مدار السنوات الماضية، رغم أن هذه المشروعات تمثل نحو 90 في المئة من إجمالي مؤسسات الأعمال في الدولة، وتوظف نحو 85 في المئة من إجمالي القوى العاملة بها. بالتالي فمن المتوقع أن يتمكّن الاقتصاد الوطني وفقاً لهذه القوانين من الاستفادة من الطاقات الكامنة لهذا القطاع الحيوي، الذي ظلت معظم مؤسساته في الماضي منضوية في إطار الاقتصاد غير الرسمي، وسيستفيد هذا القطاع أيضاً من بعض مواد القوانين الجديدة ليكون أكثر قدرة على الاندماج في الاقتصاد الوطني والتفاعل معه، ليحصل على احتياجاته ويؤدي دوره بشكل متوازن. وكذلك من المرتقب أن تشهد البيئة التشريعية الاقتصادية في الدولة إصلاحات مهمة بعد إطلاق القوانين الاقتصادية المرتقبة، بخاصة في ما يتعلق بعملية حوكمة الشركات ومراقبتها، فستكون الشركات ملزمة وفقاً لهذه القوانين بتوفير آليات محددة يتمّ استخدامها في إنجاز عمليات الحوكمة، التي ستمثل تغيّراً كبيراً في الاتجاه الإيجابي في هذا الشأن، إذ ستسهل من مهام متابعة أنشطة هذه الشركات ومراقبتها. وفي النهاية يمكن القول إن إصدار هذه الحزمة من القوانين الجديدة في نطاق زمني متقارب، وبالتحديد خلال النصف الثاني من العام الجاري، سيجعل من عام 2010 عاماً استثنائياً في مسيرة الإصلاح والتطوير التي تنتهجها الدولة في بنيتها التشريعية، وستتمكن الدولة بفضل هذه القوانين من جذب انتباه المستثمرين الأجانب والمؤسسات والمنظمات الدولية وكذلك الدول الأجنبية كوجهة استثمارية آخذة في النمو والتطور باطراد.