حماقة إسرائيلية جديدة... واستجابة باهتة لأزمة خليج المكسيك تداعيات الهجوم الإسرائيلي ضد "أسطول الحرية"، والسياسات الاقتصادية للحكومة البريطانية الجديدة، وأسلوب أوباما في مواجهة كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك، موضوعات نعرض لها في قراءة أسبوعية للصحافة البريطانية. *"أسطول الحرية": في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان: "العملية الإسرائيلية ضد أسطول الحرية حققت نتائج عكسية وتضع الدولة نفسها في موضع الخطر"، انتقدت "الجارديان" عملية الكوماندوز التي قامت بها إسرائيل ضد أسطول المساعدات المتوجه لقطاع غزة، قائلة إنها لم تكن مبررة على الإطلاق وأن مقدار العنف الذي استخدمته قواتها ضد الناشطين المتعاطفين مع محنة سكان قطاع غزة لم يكن متناسباً على الإطلاق حتى لو افترضنا أن ذلك الأسطول كان يمثل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي، كما ذهب إلى ذلك بعض المسؤولين الإسرائيليين، الذين زعموا إن إصرار دولتهم على عدم السماح لهذا النوع من السفن بالرسو في قطاع غزة، يرجع إلى خشيتها من أن يتمكن بعض المتواطئين مع حكومة "حماس" المقالة التي تسيطر على قطاع غزة من تهريب أسلحة إلى ذلك الفصيل يمكن أن يستخدمها فيما بعد في شن هجمات على المدن والبلدات الإسرائيلية القريبة من القطاع المحاصر. ورأت الصحيفة إن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد أسطول الحرية، وضد السفينة "راشيل كوري" قد أسفرتا عن نتائج وتداعيات عكس تلك التي كانت تتوخاها تل أبيب، وأن مثل هذه الإجراءات ليست هي التي ستحمي الأمن القومي الإسرائيلي، وأن الأفضل بالنسبة لإسرائيل هو المباشرة برفع الحصار على القطاع، وخصوصا أنها لم تفرضه بسبب الهجمات التي كانت تشن بالصواريخ من داخله كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما عندما استولت الحركة على قطاع غزة، وطردت حركة "فتح" التي كانت تحاول تحدي شرعيتها التي كانت قد استمدتها من الانتخابات البرلمانية التي تمت في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية عام 2006. ودعت الصحيفة إسرائيل إلى عدم الاكتفاء فقط بزيادة قائمة المواد المسموح بإدخالها للقطاع كإجراء منها يهدف تخفيف الضغوط التي تتعرض لها، وإنما رفع الحصار على حركة البضائع بجميع أنواعها، ورفع كافة القيود على حركة السكان، كما وجهت النصح لحركة "حماس" بالعمل على تغيير موقفها من إسرائيل، خصوصا فيما يتعلق باعترافها بحق إسرائيل في الوجود، والإفراج عن الجندي المختطف "جلعاد شاليط". *سيف جيديس: في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي تحت عنوان "عبء الألم"، والتي تناولت الإجراءات الاقتصادية المزمع اتخاذها بشأن معالجة عجز الموازنة البريطانية، أعادت "التايمز" إلى الأذهان ما قام به رئيس الوزراء البريطاني "لويد جورج" عام 1921، عندما قام بتعيين وزير المواصلات السير "إريك جيديس"، الذي كان معروفاً بالصرامة والحزم، رئيسا للجنة الإنفاق الوطني التي كان قد شكلها في ذلك الوقت لاتخاذ إجراءات اقتصادية مؤلمة تتعلق بالحد من الإنفاق. وقال السياسيون المعاصرون له تعليقا على ذلك إن"جورج" أراد استخدام"سيف جيديس" لـ "بتر" الإنفاق الحكومي، وأن يترك الأخير بصمته دون أن يناله هو-جورج - سوءا بسبب عدم شعبية القرارات المتخذة بما كان يمكن أن يؤثر على حظوظ وزاراته في الحكم. وقارنت الصحيفة بين هذا الموقف وبين الآراء المتناقضة التي أدلى بها كل من "كاميرون" و"كليج" في اللقاء الذي أجرته معهما صحيفة"الصنداي" حول الإجراءات والسياسات التي يزمعان اتخاذها لمعالجة المشكلات، التي تعاني منها الميزانية البريطانية في الوقت الراهن، حيث قال "كاميرون" إنه يفضل أن يتم الخصم من منافع الرفاه ومن رواتب العاملين مع تخفيض الإعفاء الضريبية الممنوحة للأسر التي يقل دخلها السنوي عن 26 ألف جنيه أسترليني، بينما وعد "كليج" بأنه لن تكون هناك تخفيضات وقطع في المزايا والمنافع على النحو الذي تم في عهد مارجريت تاتشر. وترى الصحيفة أن الرجلين بذلك يحاولان أن ينسقا بين مواقفهما بحيث يلعب إحداهما دور الرجل الشرير والثاني دور الرجل الطيب، وأن آراءهما المتباينة لا تدل على تناقض مواقفهما، وإنما تدل بدلًا من ذلك على نوع من تبادل الأدوار. ورأت الصحيفة أن ليس هناك في مقدور أي حكومة من أدوات مالية لمعالجة أي عجز سوى الخفض من المنافع، والضرائب. وأن تلك الأدوات عادة ما تكون مؤلمة. ورأت أن ذلك ربما يكون السبب الذي جعل "براون" يحاول من خلال الائتلاف مع "كليج" الحصول على مساعدة الآخير في إضفاء نوع من الاعتدال على السياسات الصارمة في محافظتها لحزبه العريق. ورأت الصحيفة إنه على الرغم من أن قبول "كليج" بذلك كان يمثل نوعاً من المغامرة بتاريخه الليبرالي، فإن الرجلين مع ذلك يمكن أن يربحا الكثير إذا ما تعاونا معاً، في اتخاذ الإجراءات المؤلمة والتخفيف منها في نفس الوقت. الدور التركي تحت عنوان تركيا والسيادة الإقليمية يقول "جوزيف جوف" في مقاله المنشور يوم الأحد الماضي في "الفاينانشيال تايمز" إنه يوافق على الآراء التي تقول إن إسرائيل قد أخطأت خطأً جسيما بلجوئها إلى استخدام القوة المفرطة ضد ركاب السفينة "مرمرة" مما أدى إلى مصرع عشرة من النشطاء الموجودين على متنها، ولكنه يعتقد أيضاً أن القافلة لم تكن موجهة لأغراض إنسانية تماما كما ادعى منظموها، ولا حتى كان هدفها المساعدة على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ولكنها تأتي في إطار سياسة تركية أوسع نطاقاً تهدف إلى تعزيز تواجدها كقوة إقليمية كبرى، وخصوصاً على ضوء عدم القبول الإقليمي للمحاولات الإيرانية الرامية إلى ذلك بسبب الخلفيات المذهبية من ناحية، وبسبب انسحاب الدول الكبرى في الإقليم من أدوارها لأسباب مختلفة. وهو يرى أن تركيا رأت أن من ضمن العوامل التي ستمكنها من ترسيخ نفوذها الإقليمي، العمل على تبني مواقف عدائية ضد الدولة اليهودية في العديد من القضايا، وهو ما قد يكون يفسر العنف الذي اتسم به رد الفعل الإسرائيلي ضد تلك الأسطول الذي انطلق من تركيا. أداء رئاسي باهت تحت عنوان "ليس هناك دراما يا أوباما"، كتبت "الإندبندنت" في افتتاحيتها أمس الاربعاء مقالاً انتقدت فيه أداء أوباما وطريقة تعامله مع كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك. فعلى الرغم من مضي وقت طويل على حدوث التسرب، فإن الرئيس الأميركي اكتفى بالتجول والظهور في أماكن متعددة على الشاطئ لإظهار الاهتمام دون أن يتخذ إجراءً، كما قام بعقد العديد من الاجتماعات مع العديد من الأفراد قبل أن يقرر في حديث له أخيرا لمحطة "إن بي.سي"، أنه قد تعمد إجراء تلك الاجتماعات، كي يعرف من هو المتسبب الأول في وقوع ذلك التسرب حتى يعرف على وجه التحديد "من سيركل"، في النهاية وفي هذا اللقاء قام أوباما بإطلاق أعنف قذائفه اللفظية عندما قال إنه لو كان مسؤولًا لكان قد قام بإقالة "توني هايوارد" المدير التنفيذي لشركة بريتش بيتروليوم. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من جسامة الأزمة وخطورتها والأضرار الكبيرة التي ستترتب عليها، فإن رد فعل أوباما تجاهها بدا فاتراً ومختلفاً تماما عن أدائه العملي حيال العديد من القضايا الأخرى، وأن المتوقع من الرؤساء في كوارث مثل هذه أن يأتوا بالمعجزات، وليس هذا ما حاوله الرئيس الأميركي، فضلاً على أن المعجزات لن تصلح شيئاً مما أفسده هذا الحادث الكارثي بكافة المقاييس. إعداد: سعيد كامل