يمثّل الموقع الجغرافي المتميّز لدولة الإمارات على خريطة العالم الذي يتوسّط الشرق والغرب والشمال والجنوب إحدى المميزات المهمّة التي تمتلكها الدولة، والتي توفر فرصاً متعدّدة يمكن للعديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية بالدولة الاستفادة منها، بخاصة قطاعات التجارة والسياحة والسفر والنقل بمختلف أنواعه، نظراً إلى ارتباطها المباشر بالعالم الخارجي، وتزداد فرص هذه القطاعات للاستفادة من تلك الميزة في ظل السياسة الاقتصادية المنفتحة على العالم الخارجي التي تحرص عليها الدولة، والتي توفر لهذه القطاعات بيئة عمل مرنة تمكّنها من التعامل مع العالم الخارجي بسهولة ويسر فائقين. ويعدّ قطاع النقل الجوي أحد أكثر القطاعات الاقتصادية استفادةً من مميزات الموقع الجغرافي وبيئة العمل الإماراتية، حيث اكتسب القطاع مكانة عالمية مميزة جعلته أحد أكثر قطاعات الطيران في العالم مقدرة على المنافسة، ويمثّل تربّع كل من "مطار أبوظبي الدولي" وشركة "طيران الاتحاد" في مراتب متقدّمة، وفقاً للتصنيف العالمي، أحد مظاهر هذه المكانة العالمية، فقد استطاع "مطار أبوظبي الدولي" مؤخراً اعتلاء قمة التصنيف العالمي للمطارات كأفضل مطار للشحن الجوي في عام 2010، ضمن تصنيف مجلة "أخبار الشحن الجوي" البريطانية بالتعاون مع "المجلس الدولي للمطارات"، بعد أن تعدّى حجم الشحن الجوي في "مطار أبوظبي" 300 ألف طن سنويّاً. كما حلّت شركة "طيران الاتحاد" المملوكة لحكومة أبوظبي في المرتبة الثالثة عالميّاً بين أفضل شركات الطيران في العالم، وفقاً لاستطلاع أجرته مجلة "بيلانز" السويسرية مؤخراً، وقد سبق ذلك أيضاً حصول الشركة على جائزة الدرجة الأولى الأفضل عالميّاً في عام 2010 من مؤسسة "سكايتراكس"، وكذلك المرتبة الأولى عالميّاً كأفضل خدمة على متن الرحلات، والمرتبة الثانية عالميّاً في فئة رجال الأعمال؛ وقد أصبحت شركة "طيران الاتحاد" خلال الفترة الأخيرة واحدة من أكثر الناقلات الجوية العالمية تطوّراً والقادرة على المنافسة على حصّة متزايدة من أسواق السفر العالمية، وقد بدأت في منافسة شركات الطيران التابعة للدول المتقدّمة داخل أسواقها. ويمكن القول إن الأداء المتميّز لقطاع النقل الجوي في إمارة أبوظبي ليس إلا انعكاساً لحالة الازدهار والنمو الاقتصادي المطّرد الذي تعيشه الإمارة حاليّاً، ونتاجاً للسياسات الاقتصادية الطموح التي تعتمدها الإمارة، بالتركيز على التنويع الاقتصادي بعيداً عن القطاع النفطي، بما يساعدها على تحقيق التنمية المستدامة، ويعدّ هذا التفوّق الكبير لقطاع الطيران المدني في أبوظبي على المستوى العالمي أحد الأدلة الدامغة على نجاح السياسات والآليات التي تتبعها الإمارة حتى الآن لتحقيق التنويع الاقتصادي المنشود. وإن كان نجاح قطاع الطيران في أبوظبي أحد انعكاسات الأداء الاقتصادي الإيجابي للإمارة، فهو أيضاً من زاوية أخرى سيكون إحدى دعائم النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، فهو المنظّم والحامل الرئيسي لتحرّكات المستثمرين والسيّاح والأفراد وكذلك البضائع المنقولة جوّاً من الإمارة وإليها، التي يعدّ انتظام حركتها إحدى الضمانات الرئيسية لاستمرار حركة عجلة النمو الاقتصادي، كما أن التفوّق لهذا القطاع والانتشار العالمي لشركة "طيران الاتحاد" يعدّ في حدّ ذاته ترويجاً للإمارة ونشراً لعلامتها التجارية حول العالم، ما يساعد بالطبع على زيادة الوعي العالمي بها، ويجذب أنظار المستثمرين والمؤسسات الدولية والسيّاح إلى اقتصاد الإمارة كأحد الاقتصادات الفتيّة والطموح والمنطلقة بقوة نحو المستقبل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية