أصبحت البعثات العلمية الخارجية تشكّل دعماً نوعياً لخطط التنمية، ليس لكونها توفر قاعدة من الكوادر المواطنة في مجالات دقيقة ومهمّة فقط، وإنما لأنها تتيح لطلابنا الاطّلاع على أحدث ما وصلت إليه علوم العصر والتكنولوجيا، التي لا تنفصل بدورها عن مشروعات التنمية بعيدة المدى وخططها في الدولة أيضاً. ولعلّ إعلان "جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث"، مؤخراً، ابتعاث مجموعات من طلبة الجامعة في رحلات علمية إلى كل من كوريا الجنوبية وتايوان وألمانيا والمملكة المتحدة، يصبّ في إطار تحقيق هذا الهدف، لأن هؤلاء الطلبة سيتخصّصون في مجالات نوعية دقيقة؛ كالهندسة النووية، وتكنولوجيا "النانو"، وصناعة الرقائق الإلكترونية، وتكنولوجيا قطاع الاتصالات، كما ستتيح لهم هذه البعثات التدريب العملي والتطبيقي في المراكز البحثية المتخصّصة والمصانع والمختبرات والمعارض، وهو الأمر الذي سيسهم بلا شكّ في الارتقاء بقدراتهم وتعزيز خبراتهم العملية والتطبيقية. الابتعاث إلى الخارج له مردودات إيجابية عديدة، لا تقف عند حدّ المستوى الراقي من الجامعات التي يتم ابتعاث الطلبة إليها فقط، أو الإدارة العملية لها، وإنما تمتدّ إلى أمر آخر على درجة كبيرة من الحيوية ألا وهو ربط هؤلاء الطلبة بسوق العمل في الدولة وحاجات التنمية في المجتمع، وهو الأمر الذي يعكس بجلاء الإيمان العميق للدولة وقيادتنا الرشيدة بأهميّة دور العلم في تحقيق التنمية الشاملة. خاصة مع توجّه الدولة، مؤخراً، إلى بناء قاعدة من الكوادر المواطنة في بعض التخصّصات النوعية الدقيقة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمننا القومي، كالطاقة النووية المدنية وتكنولوجيا الرقائق الدقيقة، أو تلك المجالات التي تعتمد على اقتصاد المعرفة، كهندسة صناعة الطيران. فقد تزايدت أهميّة البعثات الخارجية، وأصبحت تشكّل مدخلاً مهماً في بناء هذه القاعدة في تلك المجالات الحيوية، ولهذا أصبحت البعثات العلمية الخارجية تراعي هذه التخصّصات النوعية الدقيقة، مما يتّضح في طبيعة البعثات التي أعلنتها "جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا"، مؤخراً، حيث تركّز كل بعثة على مجال بعينه، فبعثة الطلبة إلى كوريا ستركّز على الجوانب العلمية في مجالات الهندسة النووية، فيما يتم التركيز في بعثة تايوان على مجالات مرتبطة بعلوم تكنولوجيا "النانو"، أما بعثة ألمانيا فتختصّ باستكشاف مجالات صناعة الرقائق الإلكترونية، وتركّز بعثة المملكة المتحدة على قطاع الاتصالات. ولعلّ ما يضفي أهميّة مضاعفة على سياسة الابتعاث إلى الخارج، ويؤكّد أنها أصبحت ملازمة لخطط التنمية الشاملة في الدولة، هو أن هناك دعماً من جانب قيادتنا الرشيدة لهذه السياسة وتطويرها بشكل مستمر، والعمل على توفير كلّ الإمكانات اللازمة لإنجاحها، وهذا يتجسّد بوضوح في منحة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله للطلبة المتميزين علمياً، فهذه المنحة أنشئت عام 1999، وتقوم على اختيار نخبة من الطلبة الإماراتيين المتميزين علمياً وإيفادهم إلى أرقى الجامعات في العالم لإكمال دراستهم في المجالات والتخصّصات المختلفة، وذلك بهدف إعداد جيل قيادي من أبناء الدولة قادر على مواجهة تحدّيات المستقبل وتأهيله، إضافة إلى رفد الدولة بكوادر مواطنة مؤهّلة وفق أرفع المستويات العلمية، لمواصلة مسيرة التنمية والبناء. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية