"فريق الولايات المتحدة الأميركية" هو الاسم الذي يطلق على الفريق الوطني الأميركي لكرة القدم (رجال)، والذي يحتل المركز الرابع عشر في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وهو مركز متقدم إذا ما عرفنا أن القائمة التي يتم التصنيف على أساسها تضم 202 دولة. لكن ما لم يؤد "فريق الولايات المتحدة" أداءً طيبا في بطولة كأس العالم المقامة حالياً في جنوب إفريقيا فإن الكثير من الأميركيين لن يهتموا بذلك. أما إذا ما تجاوز الفريق الأميركي الدور الأول ووصل إلى ربع النهائي، أو حتى نصف النهائي، فهناك احتمال لأن يشهد عالم كرة القدم في الولايات المتحدة يقظة جديدة. لقد وُعد بهذا الإنجاز من قبل، لكن لم يتحقق شيء من ذلك. فلسنوات ظلت الولايات المتحدة بين عدد قليل من الدول التي لا تُظهر اهتماما جنونيا بكرة القدم، ومن ضمن تلك الدول أيضاً الهند. فكرة القدم أو الـ"soccer" كما تعرف في الولايات المتحدة، كان ينظر إليها دوما على أنها رياضة من الدرجة الثانية تتضاءل شهرتها مقارنة بكرة القدم الأميركية "البيسبول" وكرة السلة، وهوكي الجليد. وهناك العديد من الآراء التي قدمت لتفسير هذه الظاهرة، منها مثلا أن كرة القدم من الرياضات التي عادة ما يكون عدد الأهداف المحرزة فيها قليلا (رغم أن ذلك ينطبق على البيسبول أيضاً)، كما أنها لا تنطوي على ذلك القدر الكبير من القوة والإثارة التي تنطوي عليها البيسبول، ولا ذلك القدر الشديد من العنف الذي يميز رياضة هوكي الجليد. ورغم تعدد التفسيرات، فإن التفسير الأقرب منطقية في نظري هو أن كرة القدم لم تنجح تجارياً في الولايات المتحدة بسبب التقدير المنخفض لها من جانب شبكات التلفزيون، ما يؤدي إلى ضآلة العائدات من الإعلانات التي تقدم قبل وبعد وأثناء المباريات. فكل الرياضات الأخرى المشهورة في الولايات المتحدة تقريباً تسمح قواعدها بتوقفات في سير المباراة، وهو ما يتيح الفرصة لإذاعة العديد من الإعلانات خلال تلك الفترات. أما كرة القدم فتنقسم إلى شوطين مدة كل منهما 45 دقيقة وليس هناك توقفات سوى 15 دقيقة بين الشوطين. لذلك من الصعب للغاية ترويج عدد كبير من الإعلانات في مباراة عادية لكرة القدم، يماثل ذلك الذي يتم عرضه في مباريات اللعبات المشهورة الأخرى في الولايات المتحدة. ومع ذلك، ورغم كل المعوقات التي تحد من انتشار كرة القدم، فالمتوقع هو حدوث تغير في موقف الأميركيين منها خلال السنوات المقبلة. السبب الأول: الطريقة التي سيؤدي بها الفريق الأميركي في كأس العالم الحالي. فإذا ما أدى الفريق بشكل جيد، وتمكن من اجتياز الأدوار الأولى، فإن ذلك سوف يرفع مستوى الوعى بالكرة، ويرفع أيضا سقف التوقعات المتعلقة بمستقبلها. وهناك علامات مبشرة في هذا السياق: فالتصنيفات التي أجرتها شبكات التلفزيون لأداء اللاعبين وأعداد المشاهدين للمباراة الأولى التي خاضها الفريق ضد إنجلترا، والتي انتهت بالتعادل، تشير إلى درجة أكبر من الاهتمام وعدد أكبر من المشاهدين، يفوق بمقدار الضعفين تقريبا أعداد المشاهدين الذين شاهدوا المباراة الافتتاحية للفريق الأميركي في كأس العالم عام2006. ومن العلامات الأخرى الدالة، ذلك التزايد الملحوظ في عدد الأطفال الأميركيين في الفئة العمرية 4-5 سنوات ممن يمارسون كرة القدم، بعد أن اكتشف أباؤهم أنها لعبة تنطوي على قدر كبير من المتعة، علاوة على أنها أقل خطورة من البيسبول. وهناك أيضاً سبب هام للغاية وهو التغيرات الديمغرافية في الولايات المتحدة، والناتجة عن استقبال البلاد لأعداد متزايدة من المهاجرين من الدول العاشقة لكرة القدم، خصوصا في أميركا اللاتينية وآسيا، مما سيؤدي لتوسيع نطاق الاهتمام بها، وزيادة الإقبال على ممارستها، وتقليل درجة التحيز ضدها من ممارسي وهواة الألعاب الشعبية الأخرى في البلاد، خصوصاً بعد أن أظهرت دراسات طبية متخصصة مدى الأخطار البدنية والطبية التي تترتب على ممارسة البيسبول، والتي تشمل الإصابات المزمنة بسبب حالات الارتطام بين اللاعبين، وتلف الدماغ الذي ينتج عن ذلك أيضا. بيد أن هناك نظرة سائدة يتبناها الأميركيون اليمينيون المتطرفون نحو كرة القدم وهي أنها لعبة اشتراكية، وأنها تعاني من الأخطاء والتواطؤات التحكيمية التي تؤدي في بعض الأحيان إلى تغيير نتائج المباريات وفوز الفرق التي لا تستحق الفوز، وهي نظرة غريبة في الحقيقة، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الأخطاء التحكيمية والتواطؤ التحكيمي ظاهرة منتشرة أيضا في كرة القدم الأميركية (البيسبول)، الأمر الذي جعل الاتحاد المنظم للعبة، يعين حكاما خارجيين إضافيين لمراقبة المباريات، ويركب الكاميرات التي تكشف كل زوايا الملعب لاكتشاف ورصد الضربات المشتبه فيها عند إعادة عرض اللقطات. وهذا لا ينفي أن أخطاء وانتهاكات الحكام لقانون كرة القدم، لا زالت تحدث بدرجة من الانتظام الباعث على الاكتئاب في الحقيقة، سواء في مباريات الدوري العام والكأس العادية في أوروبا وأميركا اللاتينية، وفي كأس العالم الحالية. لكن الملاحظ أن مناوئة كرة القدم ظاهرة تنتشر وسط الأجيال الأكبر سنا من الأميركيين الذين لم ينجذبوا في أي وقت في حياتهم لهذه اللعبة. وكان اهتمامهم وممارستهم وتشجيعهم منصبة كلها على كرة القدم الأميركية (البيسبول) التي كانت دوماً لعبة ذات شعبية طاغية. أما إن كان هذه الموقف لتلك الفئة من الأميركيين سوف يتغير بشكل تدريجي أو جذري خلال الأعوام الأربعة التالية، قبل بطولة كأس العالم القادمة في البرازيل، فذلك أمر لا يمكن معرفته الآن، لكن الشيء المؤكد هو أن "فريق أميركا" قد بدأ يحصل على الاحترام الذي يستحقه ليس من الفرق الأخرى التي تلعب معه في جنوب إفريقيا حالياً، بل من الجمهور الأميركي ذاته.