لم تبق آمال العرب وطموحاتهم على حالها منذ 4 يونيو 2009، تاريخ مخاطبة الرئيس الأميركي أوباما العالم الإسلامي والعربي من جامعة القاهرة. ويبدو أن شكاً وخيبة أمل كبيرين تسللا إلى قلوب الكثيرين حول سقف ما كانوا ينتظرون منه. وبكل سهولة، يمكن قياس هذا الشعور من خلال ما يتم طرحه في الندوات وورش العمل والمقالات اليومية التي تتناول "سنة أولى على خطاب أوباما"، ويتفق في ذلك الرسميون والأشخاص العاديون، حيث يبدو أن العرب اكتشفوا بعد عام عدم تغير "سياسة أميركا" ممثلة في أوباما، مع أنه وعد بأن يكون رئيس "تغيير"، وبالتالي تعاطفوا معه من منطلق المفهوم الجديد. واليوم، إذا ما تم إجراء استطلاع للرأي حول شعبية أوباما في الدول العربية فستسجل تراجعاً كبيراً مقارنة بما كانت عليه بُعيد الخطاب. ولم يعد هناك اختلاف في مواقف العرب تجاه تقييم وعود أوباما، بل سرت مخاوف من حدوث كوارث سياسية وأمنية في المنطقة بسبب الوضع القيادي لأميركا في العالم، وهو الوضع الذي تراجع في عهد الإدارة الحالية، وبات كثيرون يترحمون على أيام بوش الابن. وتبرز تقييمات العرب لسياسة أوباما، بعد الخطاب، من خلال وعوده الثمانية أو التسعة، لا سيما "عجزه" عن إيقاف سياسة إسرائيل الاستيطانية، وإجبار قادتها على توقيع اتفاقيات سلام مع العرب، وفشله في القضاء على الإرهاب في أفغانستان، كما يعتقدون أنه تقاعس عن دفع مسألة المشاركة السياسية في الدول العربية ما دفع ببعض الأنظمة العربية إلى التنكيل بمواطنيها وتقليص الحريات، كما لم يفلح في إجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي، أو حتى حلحلة الأزمة المالية العالمية. وهكذا بدا أوباما بالنسبة للعرب عاجزاً عن الوفاء بوعوده، وقد خبا حماسه، بعد أن اصطدم بالواقع الفعلي لقضايا المنطقة ولمنطق السياسة الواقعية، رغم أنه يتمتع بدعم شعبي كبير في العالم، لكنه لم يستفد منه، حسب رأي العرب. واقعياً، قد يكون أوباما وعد بالتغيير، وهذا سر فوزه في الانتخابات الرئاسية، بل لا يزال يؤكد أنه جاء كي يكون رئيس تغيير، لكنه في الحقيقة لم يَعدْ العرب بشيء محدد، ولا يوجد رئيس دولة مهما كبرت يمكن أن يغامر بمصالح بلاده لحساب الآخرين. وإن فهم العرب عكس ذلك فقد أساؤوا فهم خطابه وتصريحاته، وبنوا طموحاتهم وآمالهم عليه. وليس جديداً على العرب الذين اعتادوا منذ نصف قرن انتظار التصريحات الأميركية ليبنوا مواقفهم عليها ويجلسوا "واهمين" منتظرين غيرهم أن يغير حالهم. "تغيير" أوباما هو لخدمة الناخب الأميركي وسياسة بلاده وليس السياسات العربية. وحتى لو صرح قائد عسكري بأن السياسة الإسرائيلية "تؤذي الجنود الأميركيين"، فهذا ليس معناه أن واشنطن ستعمل لحل مشاكلنا مع إسرائيل. إن اللوم العربي المستمر في مطالبة الآخرين بأن يجدوا حلاً لمشاكلهم دون مساعدة منهم، مسألة أزلية وليست جديدة. الخوف هو أن يكون العرب، حكومات وأفراداً، قد وصل بهم الأمر إلى حالة العجز، وأصبحوا غير قادرين على حل مشكلاتهم، وينتظرون الفرج من الخارج أو من أي قوة أخرى، والمشكلة أن يطول هذا الانتظار وبناء الأوهام إلى ما لا نهاية. مر أكثر من نصف قرن والعرب يرددون الكلام نفسه، وكأن السياسة الأميركية ستتغير بالإلحاح والنواح واللوم العربي. ولم تفدهم التجارب التاريخية حتى يعرفوا أن هذه الدول هي مؤسسات وليست أقوال أفراد. أوباما على المستوى الداخلي الأميركي، حقق أشياء كثيرة هي دون طموح الناخب الأميركي، لكنها مؤشرات محسوبة لصالح إدارته.