تساءل د. طيب تيزيني في عنوان مقاله المنشور هنا قائلاً: "النهضة العربية... من أين نبدأ؟"، وهو تساؤل أعتقد أن الكثير من معطيات الواقع العربي يجيب عنه، بصفة مباشرة أو غير مباشرة. فالمدخل الذي يبدو اليوم أقرب وأضمن لتحقيق نهضة عربية حقيقية ومستدامة هو دون شك مدخل التنمية الاقتصادية والإنسانية، تماماً كما فعلت أمم وشعوب أخرى كانت في أوضاع اقتصادية وتنموية أقل تقدماً من العرب بكثير. ولاشك أن من أسباب تعثر مشروعات النهضة العربية خلال القرنين الماضيين أن معظمها دخل للنهضة من المدخل الخطأ، وبهذه الطريقة لم يتفطن كثير من المنظرين والمصلحين والساسة العرب لأهمية المدخل التنموي لتحقيق النهضة، بل انشغل بعضهم بالتنظير للوحدة، والبعض الآخر بالتنظير للاشتراكية، وبعض ثالث انشغل بالحديث عن الفلسفة وإشكاليات التوفيق بين الأصالة والمعاصرة والتراث والاستحداث، حتى ضاع علينا الوقت في عصر لا مكان فيه إلا للغة التنمية والاقتصاد والأرقام. وفي نظري أن علينا الالتفات الآن لذلك الخطأ، ومن ثم التركيز على المدخل التنموي للنهضة وحده، والاقتصاد كثيراً... كثيراً من الفلسفة والتنظيرات العقيمة. عبد الله سعيد - أبوظبي