نقاش "مؤلم" حول شاليط... و"تمييز طبي" في غزة ------- الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، واحتدام الجدل داخل إسرائيل حول "ثمن" تأمين إطلاق سراح شاليط، والمفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. ------ "ضرر الحصار" السفير الإسرائيلي السابق إلى الولايات المتحدة "سلاي ميريدور"، كتب أول من أمس مقالاً في "هآرتس" حول الحصار الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة، اعتبر فيه أنه كان من الممكن تلافي الضرر الذي لحق بإسرائيل جراء "حادث" السفن الأخير في حال طبقت الحكومة الإسرائيلية قراراً كانت قد اتخذته العام الماضي بشأن تخفيف الحصار المضروب على غزة، وذلك في إشارة إلى القرار الذي كانت الحكومة الإسرائيلية قد اتخذته في الثاني والعشرين من مارس 2009 بشأن تخفيف الحصار والسماح بوصول المواد الغذائية إلى سكان القطاع، وقال ميريدور: "لو تم تنفيذ القرار، لما أفلح ربما الأشخاص الذين يريدون بنا الشر في التسبب لإسرائيل في كل الضرر الذي لحق بها في حادث السفن الأخير". إلى ذلك، طرح الكاتب جملة من الأسئلة، ومنها: هل يساهم الحصار في الأمن على المدى القريب؟ وهل الحصار هو الذي يحول دون تهريب الأسلحة إلى القطاع، أم أن ذلك يتأثر أكثر بالأحداث التي تعرفها الأنفاق بين مصر وغزة؟ وهل الحصار هو الذي يثني "حماس" عن إطلاق آلاف الصواريخ التي تمتلكها، أم أن ذلك هو نتيجة لعملية الرصاص المسكوب والاعتبارات الاستراتيجية لـ"حماس" وإيران؟ وفي ختام مقاله، عبَّر الكاتب عن أمله في أن يكون القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي بشأن تخفيف الحصار المفروض على القطاع نتيجة لمناقشة وافية ومستفيضة لهذه الأسئلة وغيرها، وليس استسلاماً للضغوط الدولية، معتبراً أنه إذا كانت الاعتبارات الاستراتيجية هي التي دفعت الوزراء إلى اتخاذ هذا القرار، فإنه من المؤسف أنهم انتظروا وقوع "حادث" السفن قبل أن يتخذوا هذا القرار، أو على نحو أكثر دقة، قبل أن يعملوا على تطبيق القرار الذي اتخذته الحكومة العام الماضي، كما يقول. "النقاش المؤلم حول شاليط" تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحية عددها ليوم الأحد وأفردتها للتعليق على المسيرة التي يقوم بها والدا الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، برفقة الآلاف من المتضامنين والمتعاطفين، منذ يوم الأحد وتستمر على مدى 11 يوماً، وهي المسيرة التي من المنتظر أن تنتهي أمام مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس. أما الهدف، فهو تعبئة ضغط الجمهور من أجل تأمين إطلاق سراح ابنهما جيلعاد شاليط. وتقول الصحيفة إن المتعاطفين يدعون الجمهور الإسرائيلي إلى إظهار التضامن والتعاطف مع والدي الجندي الأسير، وهي دعوة ينبغي اتباعها، كما تقول، ولكن ذلك لا يعني - حسب الصحيفة دائماً - أن على إسرائيل أن تعلق العقل وتذعن لمطالب "حماس" (الباهظة). وفي هذا الإطار، تزعم الصحيفة أن "حماس" لم تكلف نفسها عناء الرد على العرض الإسرائيلي الذي قدمته قبل ستة أشهر بشأن الإفراج عن 1000 فلسطيني، من بينهم 450 من "حماس"، 100 منهم "قتلة" مسؤولون عن مقتل حوالي 600 إسرائيلي، و550 سجين إضافي تابعين لـ"فتح". وفي معرض تعليقها على هذا الموضوع، تقول الصحيفة إن الحكومة الإسرائيلية رفضت، على نحو يمكن تفهمه، مطلب "حماس" المتمثل في أن تشمل الصفقة "الإرهابيين الكبار" المسؤولين عن عمليات انتحارية كبيرة في إسرائيل، معتبرة أن إسرائيل عرضت أكثر بكثير مما قد يُتوقع منها في محاولة لتأمين إطلاق سراح شاليط، ومشددة على أن إسرائيل لا تجرؤ على السماح لنفسها بتعليق النقاش في هذا الوضع الصعب والمؤلم، وتجعل الكلمة الأخيرة للقلب على حساب العقل. واعتبرت الصحيفة في ختام افتتاحيتها أن المطلوب حالياً هو ممارسة ضغوط أميركية وأوروبية على "حماس"، معربة عن أسفها لكون المجتمع الدول، وبدلاً من السعي وراء كل الوسائل التي من شأنها الضغط على مختطفي شاليط، يمارس ضغوطه على إسرائيل من أجل إنهاء الحصار المفروض على غزة التي تسيطر عليها "حماس". إحباط أميركي من إسرائيل في مقال له بعدد أمس من صحيفة "هآرتس"، أفاد الصحفي باراك رافيد بأن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل يشعر بالإحباط جراء تصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي في المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين، وبأن ميتشل، الذي من المنتظر أن يزور إسرائيل غداً الخميس في إطار جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، عبَّر لنتانياهو عن رغبته في رؤية تقدم أكبر من قبل إسرائيل على صعيد المواضيع الجوهرية. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مصدر من الإدارة الأميركية قوله يوم الاثنين: "إننا نريد أن تتحرك الأمور بسرعة أكبر، وأن يكون ثمة تقدم أكبر حول عدد من المواضيع... غير أنه حتى الآن ثمة تقدم غير كافٍ". وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله إن الإحباط الأميركي يعزى إلى حقيقة أن نتانياهو لم يقدم حتى الآن أي أجوبة واضحة حول حدود الدولة الفلسطينية المقبلة؛ ذلك أن نتانياهو اختار، خلال جولات المفاوضات غير المباشرة الثلاث السابقة، أن يخصص الجزء الأكبر من الاجتماعات للمواضيع الثانوية نسبياً مثل المياه، والعلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، وتطوير "ثقافة سلام" في الدولة الفلسطينية المقبلة. الصحة بين غزة وإسرائيل الصحفي "علي وكيد" كتب في صحيفة "يديعوت أحرنوت" حول تقرير صدر عن منظمة "العدالة" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان" ومنظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "الميزان"، يتهم إسرائيل بـ"ممارسة سياسة تمييز بين الحالات الطبية التي تكون فيها حياة المريض في خطر وحالات طبية أخرى، كقاعدة لمنع المرضى من مغادرة قطاع غزة من أجل تلقي العلاج". وحسب منظمتي "العدالة" و"الميزان" التي يوجد مقريهما في غزة، فإن تقييد علاج الأشخاص الذين لا تعد حيواتهم في خطر أمر مخالف للأخلاقيات الطبية والقانون الدولي. وتقول المنظمات الثلاث إنها توصلت إلى هذه الخلاصة بناء على تحليل للحالات التي رفضت فيها إسرائيل طلبات مرضى غزيين طلبوا مغادرة القطاع من أجل تلقي العلاج الطبي. ومما ورد في التقرير أن "التمييز بين حالة طبية، حيث حياة المريض في خطر وحالة أخرى، يتنافى مع الأخلاقيات الطبية التي تنص على ضرورة استفادة أي مريض أو جريح من أفضل رعاية طبية متاحة، وذلك بغض النظر عن الطابع الاستعجالي للعلاج أو شدة الحالة الطبية". غير أن منسق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة قال إن الطلبات التي تُرفض هي تلك التي يتبين أن أصحابها يمكن أن يتلقوا علاجاً مماثلاً في القطاع، متهما التقرير بالانحياز وبأنه كتب من دون منح إسرائيل حق الرد. إعداد: محمد وقيف