يظل العراق المحور الرئيسي للتحرك الدولي الحالي المتمثل في القمة الأوروبية الأميركية في دبلن وفي قمة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ''ناتو'' التي ستعقد في اسطنبول، إذ يوشك على استرداد كامل سيادته بعد أيام قليلة، ليخطو أولى الخطوات في طريق ممارسة السلطة الفعلية على مواطنيه وأرضه وثرواته، في الوقت الذي تتناوشه سيوف ورماح الإرهاب والمطامع والمطامح المحلية والأجنبية، في مرحلة مفصلية ومهمة جدا، ليس بالنسبة للعراق وحده وإنما لسائر دول المنطقة والعالم، إما فوضى شاملة تتناثر شظاياها في كل مكان، وهذا ما لا يريده أحد، وإما استقرار شامل ينعم بظله العراقيون وشعوب المنطقة والعالم أجمع، وهذا ما يتمناه ويأمله كل حادب على تعزيز مسيرة الأمن والاستقرار في كل بقعة من بقاع الأرض·
وتأتي هذه التحركات في ظل وجود سلطة وطنية انتقالية في العراق، باشرت ومنذ تشكيلها في أوائل الشهر الحالي التعامل بوضوح مع المشاكل التي يواجهها البلد، وحددت أولوياتها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعينت وسائل وأساليب معالجتها، ومضت أبعد من ذلك وأشارت بوضوح إلى العدو رقم واحد للشعب العراقي ألا وهو الجماعات الإرهابية، وبقايا المتضررين من بزوغ الفجر الجديد في أرض الرافدين الذين يحشدون آخر ما بقي لهم من قدرة على الأذى لعرقلة تطور العملية السياسية، ومنعها من الوصول إلى خواتيمها ونهاياتها السعيدة· وقد اتضح أن هذا الخطر ليس بعصي على المواجهة والزوال، بعد الضربات الإجهاضية والجراحية الدقيقة التي سددت إلى بعض أوكار وبؤر الإرهاب في الأيام الماضية، وإجماع الشعب العراقي بل ومطالبته الصريحة لحكومته بالقضاء على هذه الجماعات بملاحقة ومطاردة عناصرها في كل مكان·
ومما لا شك فيه أن المجتمع الدولي قد تجاوز مرحلة الانقسام التي واكبت القضية العراقية في الماضي وأصبح الآن في وضع يسمح له ببذل جهد جماعي لإنقاذ العراق من بوادر الفوضي التي تتهدده، خاصة وأن ما حصل ليل وصبيحة ''الخميس الأسود'' من استباحة وترويع لبعض المدن والبلدات العراقية على أيدي الجماعات الإرهابية التي قتلت وأصابت المئات من عناصر الأمن والشرطة والمدنيين، ودمرت العديد من المراكز الأمنية والمقار الحكومية، ينذر بعواقب وخيمة إذا لم يتحد الجميع ويحزموا أمرهم على بذل الجهود وتسخير الإمكانات لدعم ومساندة الحكومة الانتقالية وتمكينها من ممارسة مهامها في حفظ الأمن والنظام وتوفير الحياة الكريمة لشعبها·