تتعدّد المؤشرات والدلائل التي تشير إلى ثقة العالم بإمكانات الاقتصاد الوطني الإماراتي، الذي شهد حالة من الازدهار والنمو والديناميكية على مدار السنوات، والتي بالتأكيد ستمتد إلى سنوات وعقود مقبلة. وليس أدلّ على الثقة العالمية بالاقتصاد الإماراتي من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدولة، فقد أوضحت بيانات "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" المعروف بـ"الأنكتاد" أن الإمارات قد استقطبت نحو 73 مليار دولار من تلك الاستثمارات على مدار العقود الأربعة الماضية، أي منذ نشأتها في مطلع السبعينيات من القرن العشرين. وقد استأثرت دولة الإمارات بنحو 26.3 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى دول الخليج العربية، والبالغة نحو 278 مليار دولار على مدى العقود الأربعة الماضية، كما حازت نحو 10 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدول العربية، والبالغة بدورها نحو 730 مليار دولار خلال الفترة نفسها. وتؤكد هذه المؤشرات أهميّة الموقع الذي تتمتع به دولة الإمارات على مستوى دول الخليج العربية التي تمثّل المحيط الإقليمي الضيّق، وعلى مستوى الدول العربية أيضاً التي تمثّل المحيط الإقليمي الأوسع نسبياً فيما يتعلّق بالقدرة على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد استفادت دولة الإمارات بالطبع في صقل مكانتها كوجهة استثمارية مفضّلة طوال العقود الماضية من كونها إحدى الدول الواقعة في منطقة الخليج العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والتي ظلّت على مدى العقود الماضية وجهة مفضّلة للاستثمار الأجنبي المباشر، بخاصة الاستثمارات الموجّهة إلى مشروعات التنقيب عن النفط واستخراجه ومن ثم تكرير مصادر النفط التقليدية بما تحتويه من نفط وغاز طبيعي، في ظل امتلاكها ما يقرب من نحو نصف الاحتياطات العالمية من هذه المصادر، كما تصاعدت أهميّتها أيضاً في الفترة الأخيرة كإقليم ثري بفرص الاستثمار في مجالات الطاقة الجديدة والمتجدّدة. وإلى جانب ذلك تتمتّع الإمارات بالعديد من المميزات الخاصة بها التي لا تشترك فيها مع دول أخرى في محيطها الإقليمي، والتي مكّنتها من اعتلاء تلك المكانة، في ظل سياسة الاندماج في الاقتصاد العالمي التي تمارسها الدولة، وقد تمكّنت بفضلها من جعل نفسها مركزاً إقليمياً وعالمياً للأعمال والتجارة والاستثمار، وتضمّنت هذه السياسة تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية المرتبطة بالاستثمار وجعلها أكثر مواكبة لتطلّعات المستثمرين، المحليين والأجانب. وقد تمكّنت الدولة بفضل هذه الجهود من أن تحلّ كواحدة من الدول الخمس الأكثر إصلاحاً لمناخها الاستثماري في العالم ضمن تصنيف "البنك الدولي" العام الجاري. وإلى جانب ذلك فقد استطاعت دولة الإمارات على مدى العقود الماضية أن تطوّر بنيتها التحتية والتكنولوجية لتكون واحدة من أفضل البنى التحتية والتكنولوجية على المستوى العالمي، فمهّدت الطرق ومدّت الجسور ووفّرت المرافق والخدمات وطوّرت وسائل النقل والمواصلات والاتصالات وربطت مناطق الدولة بعضها ببعض، بما سهّل على المستثمرين الوصول إلى مناطق الاستثمار المستهدفة في الدولة بتكاليف ووقت وجهد أقل، وسهّلت أيضاً مهمّة الوصول إلى الأسواق المحلية. وإلى جانب هذه البنية التحتية والتكنولوجية المتطوّرة، فإن رصيد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المتميّزة الذي تحتفظ به الدولة مع باقي دول العالم سهّل مهمّة الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، سواء لتصدير المنتجات أو الحصول على الاحتياجات، إلى جانب تمكين المستثمرين من تحويل الأموال إلى الداخل أو الخارج دون عناء. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.