لا شك أن مقال د. خالد الحروب: "العرب وأوهام الممانعة الكونية!" قد نبّه إلى مسألة مهمة هي تلك الدعوات غير الواعية من قبل بعض التيارات والكُتاب العرب لربط ما لا رابطة بينه، كربط مساعي العرب لتحقيق التنمية والتعاون من جهة مع معارك أخرى وهمية يناطح فيها بعض المتسيِّسين طواحين الهواء مثل ما يتردد عادة لدى بعض أوساطهم عن معركتنا "المصيرية" لهزيمة الإمبريالية العالمية والاستعمار وقوى الاستكبار... الخ من هرطقات وأوهام. ما لنا نحن وهزيمة الاستعمار والإمبريالية، وما علاقتنا بكل ذلك، ونحن بلدان ما زالت تجهد لتحقيق الحد الأدنى من التنمية لشعوبنا الفقيرة. ثم إذا كان لابد أن يناطح أحد الإمبريالية، لماذا لا نترك شعوب العالم الأخرى في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية تتولى هذه المهمة "الكونية" عنا، لأننا نحن أقل إمكانيات مادية من تلك الشعوب؟ ولماذا لابد أن نكون نحن وليس غيرنا في وجه المدفع، إن صح التعبير؟ على العكس أنا أرى أن شعوبنا وبلداننا ليست لها أدنى مشكلة مع أميركا، ولا مع الغرب، ولا مع الاستعمار القديم والجديد، بحيث تصبح "الممانعة" المزعومة في وجه كل ذلك شرطاً أوليّاً للنهوض العربي؟ ما هذا الخلط الأهوج، والخطاب الأجوف، الذي يدور بعبثية حول دوامات ذاته، ويستنزف قوته الخطابية في متاهات لا معنى لها ولا مبنى؟ عزيز خميّس - تونس