في بدايات عام 2009 كان أمام أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين الذين فرضوا سيطرتهم عليه خياران: إما أن يصدروا تشريعات تاريخية حتى وإن كانت على حساب أغلبيتهم، أو أن يؤدوا دوراً تشريعياً آمناً وبعيداً عن المخاطرة بمصيرهم السياسي. وفي مواجهة هذين الخيارين، فضل الكثيرون منهم اختيار طريق السلامة. وهذا ما فتح الباب أمام احتمالين: أولهما أن يكون الكونجرس رقم 111 الأوفر نشاطاً تشريعياً منذ الكونجرس الـ98 الذي كان خاضعاً لهيمنة الديمقراطيين، وثانيهما خسارة نحو 52 من الأعضاء الديمقراطيين الذين انتخب معظمهم في عامي 2006 و2008 لمقاعدهم. وعلى حد وصف أحد المحللين السياسيين فإن المشرعين الذين خسروا مقاعدهم خلال انتخابات نوفمبر الماضي، هم "أيتام أوباما". ويفسر هذا التوصيف بأن المشرعين المعنيين به هم من الذين ثابروا على التصويت لصالح البرامج والسياسات التي تبنتها الإدارة. غير أن تلك المثابرة لم تشفع لهم، إذ سرعان ما طرحوا جانباً بينما تخطتهم تطورات الواقع السياسي الأميركي. وخلال معركة نوفمبر الانتخابية الأخيرة، كثيراً ما اتُّهِم المشرعون الموالون لأوباما بعدم ملامسة الواقع. ومما لا شك عزلة النواب وأعضاء مجلس الشيوخ المعنيين بهذا الاتهام عن مزاج الناخبين. لكن نتائج الانتخابات النصفية نفسها تثير السؤال: لمن يعود الولاء الحقيقي لهؤلاء المشرعين الذين غلبت على مواقفهم مساندة الإدارة وسياستها؟ بدلاً من الاستجابة لتطورات الواقع، فضل أولئك المشرعون الوقوف إلى جانب القواعد الناخبة التي أيدتهم تحديداً بسبب الوعد الذي قطعوه لها بإحداث تغيير جوهري في السياسات العامة. وبالفعل فقد نجح هؤلاء في تحقيق التغيير السياسي الذي وعدوا به ناخبيهم. ومن بين هذه التغييرات إصلاح الرعاية الصحية، وكان استجابة مباشرة للاعتقاد الشائع حول انهيار نظامنا الصحي. ومما ندين به للكونجرس رقم 111 وضعه لأجندة الكونجرس التالي له مباشرة (رقم 112). ذلك أن الكونجرس الأخير الذي يسيطر عليه الجمهوريون يبدو أكثر عزماً على نقض الإنجازات التشريعية للكونجرس الذي سبقه. وكما نعلم فإن نقض الأغلبية الجمهورية المحافظة لـ"أوباما كير" يوفر أرضية موحدة لمواقف كثير من القيادات التشريعية المحافظة الجديدة. ومهما يكن من معارضة المحافظين لهذا التشريع، فهو يظل خطوة كبيرة للكونجرس، وسوف يحظى بنصيب مقدر من الحوار العام. كما يأمل المشرعون الجمهوريون المنتخبون إحباط التشريعات الهادفة إلى إصلاح النظام المالي. وفي هذه المحاولة ما يعطي دعاة ومؤيدي الإصلاحات فرصة أخرى لتوضيح وجهة نظرهم والدفاع عن أن ترك النظام المالي بلا قيود تحده، سوف يجعل منه نظاماً أشبه بكازينو عام تديره الحكومة. كما يحسب لـ"أيتام أوباما" الذين خسروا مقاعدهم في الانتخابات الأخيرة، إصدارهم مجموعة من التشريعات التي قلما نالت ثناءً، بسبب تسمم الحوار العام وتصاعد الخصومة بين الجمهوريين والمحافظين. وبما أن نظامنا السياسي ووسائل إعلامنا مهووسون بالرؤساء، فالمتوقع أن ينشغلا بما يكون عليه موقف أوباما بنهاية العام الحالي: هل يبدو أقوى أم أضعف مقارنة بساعة توليه منصبه الرئاسي؟ وإن كانت ثمة إنجازات تحسب لصالح إدارته، فقد قامت على أكتاف تلك الكوكبة الفدائية من المشرعين الديمقراطيين الذين دافعوا عما رأوه صحيحاً، متجاهلين ما سوف تسفر عنه صناديق الاقتراع. إنهم "أيتام أوباما" الذين يستحقون منا انحناءة تقدير واحترام. إي جي ديونر كاتب ومحلل سياسي أميركي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"