تضع دولة الإمارات التجارة الخارجية ضمن أهم أولوياتها، كقطاع ذي دور حيوي واستراتيجي بالنسبة إلى نموها الاقتصادي وتنميتها الشاملة والمستدامة، وحرصها الواضح على وضع اسمها ضمن قائمة الدول الأكثر تنافسية على خريطة التجارة العالمية والأكثر جاذبية للاستثمارات ورؤوس الأموال المتنقّلة عبر الحدود حول العالم، لذلك فإن السلطات الاقتصادية الإماراتية تعمل على وضع السياسات والأطر التشريعية والتنفيذية اللازمة لبناء اقتصاد إماراتي قادر على تحقيق هذه الأهداف، بإنتاج صادرات ذات ميزات تنافسية عالمية، وقطاع تنافسي لإعادة التصدير لجعل الاقتصاد الإماراتي مركزاً عالميّاً وإقليميّاً للأعمال التجارية والاستثمارية، وبوابة للأسواق الإقليمية سواء في دول الخليج العربية أو على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولعلّ التغيّرات الهيكلية التي تشهدها خريطتا التجارة والاستثمار العالميتان في الوقت الراهن والمتمثّلة في انتقال بؤر التركز من الدول المتقدّمة في أوروبا والولايات المتحدة إلى الدول الصاعدة في آسيا، تعطي فرصة جيدة للاقتصاد الإماراتي بشكل عام وقطاع التجارة الخارجية الإماراتي بشكل خاص لتحقيق الأهداف المنوطة به، ولعلّ احتلال دولة الإمارات المرتبة التاسعة عشرة ضمن أهم المصدّرين على مستوى العالم وفق "تقرير ملامح التجارة السنوي" لعام 2010 لـ"منظمة التجارة العالمية" يمثّل دليلاً على أن الاقتصاد الإماراتي استطاع بالفعل أن يدرك نسبة كبيرة من الأهداف المذكورة، وبات يتمتّع بمرتبة تنافسية متميزة على خريطة التجارة العالمية، وبالإضافة إلى ذلك فقد احتل اقتصاد الدولة المرتبة الأولى كأفضل وجهة استثمارية في منطقة غرب آسيا، وهو المؤشر الذي يكمل الصورة عبر تدليله على الموقع المتميّز الذي باتت تحتله الإمارات بين وجهات الاستثمار ليس فقط على المستوى الإقليمي ولكن على المستوى العالمي أيضاً. باحتلال الاقتصاد الوطني الإماراتي تلك المراتب المتميّزة على خريطتي التجارة والاستثمار العالميتين، فإنه يكون قد تفوّق على عدد كبير من الدول المتقدّمة والدول الصاعدة حول العالم كمركز للأعمال التجارية ووجهة جاذبة لرؤوس الأموال العالمية، وهي المكانة التي يتوقع أن تستمر في التحسّن خلال السنوات المقبلة، عبر الاستمرار في العمل الإماراتي الدؤوب في هذا الاتجاه، مستغلة التغيّرات التي تجري حاليّاً في موازين القوى التجارية والاستثمارية العالمية، وهي الفرصة التي تتبارى الدول في التنافس على اقتناصها، لتعظيم حصصها من أسواق التجارة والاستثمار العالمية، التي جاءت "الأزمة المالية العالمية" لتُعيد توزيعها من جديد، ولعلّ الجهود التي حرصت الدولة على بذلها طوال العقود الماضية في هذا الشأن ساعدتها على بناء الخبرات اللازمة لتعظيم الاستفادة من هذه الفرص، وأن تسبق الدول الأقل تقدّماً في هذا الشأن، وهي كثيرة، في الحصول على النصيب الأكبر من التجارة العالمية والاستثمارات المتدفقة عبر الحدود والمنتقلة من الدول المتقدّمة في الغرب إلى الدول النامية والصاعدة في الشرق. السنوات القليلة المقبلة ستكون سنوات حاسمة في إعادة رسم خريطتي التجارة والاستثمار العالميتين، ليُعاد ترتيب دول العالم على قوائم التصدير والاستيراد والاستثمارات العالمية، كما ستكون حاسمة في تحديد موازين القوى الاقتصادية العالمية بشكل عام، حيث يتوقع أن تشهد تلك السنوات تراجعاً كبيراً في ترتيب دول أوروبية وأميركية دأبت على الاستحواذ على التجارة والاستثمار العالميين في الماضي، لتترك مراتبها لمصلحة دول صاعدة ونامية مثل الصين والهند وماليزيا في شرق آسيا ومثل الإمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المنطقة ذات الجاذبية الكبيرة في هذا الشأن. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.