السباق المتجدد مع كل يوم جديد على كسب الرزق، يقتضي السير في دروب السعي الموصلة إلى مظان المطلوب والمرغوب... مبكراً! وهذا ما يدركه الرجل الهندي الذي نراه في الصورة، وقد انطلق يدفع عربته في الصباح الباكر بمحاذاة نهر براهمابوترا بمدينة جوهاتي في ولاية آسام. صاحب العربة الفارغة يحث خطاه باتجاه السوق، حتى لا يتأخر عن فرصة الظفر بزبائن ينقلون أمتعة مقابل أجر يتم الاتفاق عليه في هذا الوقت المبكر من يوم العمل هذا. لكن السوق أحوال وأطوار وفرص، فلا شيء فيه يتصف باليقين والحتمية والوضوح، كرؤية الأشياء وسط ضباب الصبح قبيل طلوع الشمس. بل لعله يشبه أحوال ومآلات ولاية آسام نفسها، وهي تعيش اضطرابات داخلية منذ أواخر السبعينيات بعد أن شهدت ظهور حركة انفصالية تطالب بالاستقلال عن نيودلهي، وتنفذ بين حين وآخر تفجيرات ضد المصالح الحكومية، كما تستهدف الناطقين بالهندوسية معتبرة إياهم أجانب على الولاية. هذا وتقع آسام في أقصى الشمال الشرقي الهندي، إلى الشمال من بنجلاديش المحاطة بالأراضي الهندية غرباً وشمالا وشرقاً. إنها من أكثر الأطراف في الجغرافيا والثقافة الهنديتين بعداً عن المركز (نيودلهي)، وهو وضع ألهم الانفصاليين فكرتهم الأساسية في التمايز مع الهند، حتى وإن بدت فكرة ضبابية يحيطها الغموض وتفتقر لتأييد مؤكد في أوساط القومية الآسامية!