"ما حكم (....) للمرأة"؟! ضع في الفراغ أي منتج أو نشاط حينها يصحّ أن يكون السؤال موجهاً لأحد المفتين الفضلاء أو الوعاظ والدعاة، حتى إنك قد تسمع يوماً من يسأل ما حكم تنفس المرأة؟! الفراغ الذي يفصل بين "حكم" وبين "المرأة" هو الذي يجب أن يردم. لأن المرأة لها ما للرجل وعليها ما عليه، باستثناء الأحكام الخاصة. السيارة والطيارة والجوال والأقلام والأوراق والكتب والفناجين هي للرجل والمرأة على حدٍ سواء، والذين يحاولون نشر الرعب والخوف من المرأة وكل ما يمت إليها بصلة هم الذين يمارسون التمييز المرفوض ضدها جملةً وتفصيلاً. والمرأة لديها حقوق نظامية وقانونية وإنسانية قبل ذلك. بعض الخطباء تعب وهو يقول "الإسلام أعطى المرأة حقوقها"، ثم يلهج بالمحرمات التي يسردها ضد حرية المرأة! وأعول على المرأة الخليجية في النهضة. فالإمارات مثلاً، خرجت من جدل "رياضة البنات" ليكون أمراً واقعاً، وليس حلماً أو نقاشاً مملاً لا طائل منه. إذ تستضيف أبوظبي الدورة الثانية لرياضة المرأة الخليجية، في مارس المقبل، وستشارك في البطولة خمسة منتخبات خليجية هي: الإمارات وقطر وعمان والبحرين والكويت، في سبع ألعاب معتمدة في الدورة هي: ألعاب القوى والرماية والفروسية وكرة الطائرة وألعاب القوى للمعاقين والتايكوندو والبولينج. السعودية فقط هي التي لا تشارك في البطولة، ولا أدري متى يمكن للمرأة في بلادي أن تشارك في مثل هذه البطولات البريئة، وهل نحن فقط على صواب وبقية دول الخليج الأخرى التي لا تقل عنا حشمةً ووقاراً وحباً للدين والإيمان، على خطأ؟! نورة السويدي رئيسة "لجنة الإمارات للرياضة النسائية"، قالت بوضوح: "إننا حريصون على تقديم أصالة تراثنا وقيمنا وتقاليد مجتمعنا الرصين للمشاركين بصورة حضارية وراقية (...).سعادتنا كبيرة باستضافة التظاهرة النسائية الثانية وللمرة الأولى في أرض الإمارات التي ستساهم بصورة كبيرة لدعم الحركة الرياضة النسائية في الدولة، وتمنح الفرصة المثالية للاعبات المنتخبات الوطنية على الاحتكاك بالمنتخبات الأخرى وتحقيق مكتسبات كبيرة وفوائد عديدة تقود رياضتنا النسائية للوقوف في منصات التتويج". يعني أن الرياضة ليست لتخريب فتيات الأمة، بل لإدخالهن في عمق العصر، مع الاحتفاظ بالحشمة والدين. الفزّاعة التي يطرحها المتشددون ضد كل مجال تتحرك المرأة من خلاله فيه مبالغة كبيرة تقود حياة المرأة إلى الموت المبكر، وتحولها إلى كائن يمثل صورتهم عنه بأنه مستودع الشهوة! إن شلل المرأة وإعاقة حركتها تعني شلل الجانب الجميل في الحياة، والذين يريدون من المرأة أن تجلس في بيتها، كأنه القبر الأخير، هم أناس ضد الحياة والإنسانية. الرياضة أيها السادة ليست جريمة، وإنما الجريمة والعيب في أن تكون رياضة المرأة تثير رعبك، جرياً على قول المتنبي: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ** وصدّق ما يعتاده من توهم! إن رياضة المرأة وإقامة البطولات لها جهد إنساني رائع، أما الذين يحلمون في الظلام بينهم وبين أنفسهم متوهمين سيناريوهات الخطيئة والانحلال فسيموتون كمداً لأن الحياة متحركة، وهم جامدون، والنهضة التي ستشهدها المرأة الخليجية قريبة جداً وآمل أن يكون الخطاب الذي يحاول تكبيلها وسجنها إلى زوال، فلتحرص المرأة على حقوقها ومنها المطالبة بالرياضة بالمساواة مع الرجل، فهي الحقوق التي أكدتها المواثيق الدولية، وهنيئاً للمرأة الخليجية انعتاقها المتدرج من سجون العادات وحصون التخلف!