أشارت بعض البيانات المنشورة، مؤخراً، إلى أن نسبة الوفيات بسبب أمراض القلب في دولة الإمارات تبلغ نحو 22% من مجموعة الوفيات السنوي، وهي نسبة تثير القلق وتلفت الانتباه إلى ضرورة أن يتم التحرّك على المستوى الوطني من قبل المؤسسات الاتحادية والمحلية العاملة في قطاع الصحة، بهدف التعرّف على الأسباب المؤدّية إلى هذه الظاهرة المقلقة، ومن ثم وضع خطة وطنية لمحاصرتها في مهدها، كآلية وقائية، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على الآليات العلاجية فقط. تشير تقارير "منظمة الصحة العالمية" وغيرها من الدراسات الطبية إلى أن هناك أسباباً عدّة للإصابة بأمراض القلب، ويمكن تصنيف هذه الأسباب إلى فئتين رئيسيتين، تتمثّل الفئة الأولى في الأسباب الوراثية والأمراض المستوطنة، أما الفئة الثانية فتتمثّل في الأسباب المكتسبة نتيجة أسلوب حياة السكان، ولدولة الإمارات نصيب لا بأس به من هذه الأسباب على اختلاف تصنيفاتها، فعلى صعيد الأسباب الوراثية والأمراض المستوطنة فهناك نسبة لا بأس بها من المصابين بأمراض القلب في الدولة هم مصابون بها لأسباب تتعلق ببعض العادات والتقاليد الاجتماعية التي توفر بيئة خصبة لانتقال الأمراض وراثيّاً، وذلك كظاهرة زواج الأقارب. وفي ما يتعلّق بالأمراض المستوطنة فإن مرضاً مثل السكري يعدّ من الأمراض المستوطنة في دولة الإمارات، حيث تصل نسبة الإصابة به إلى نحو 19.5% من السكان، كأعلى نسبة إصابة بين دول العالم، وفي ظل هذه النسبة المرتفعة لهذا المرض، لا يمكن الفصل بينه وبين ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب في الدولة. وفي ما يتعلّق بالأسباب المكتسبة المؤدّية إلى الإصابة بأمراض القلب فهي تتمثّل في عدم اتّباع نظام غذائي صحي وعدم ممارسة نشاط رياضي أو بدني وارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة والتدخين فإن دولة الإمارات أيضاً لديها رصيد كبير في هذا الشأن، حيث تبلغ معدلات السمنة فيها نحو 33.7% كرابع أعلى معدل للسمنة على مستوى العالم، كما تشير بيانات "وزارة الصحة" الإماراتية إلى أن معدل التدخين في الدولة يصل إلى نحو 20%، وقد يرتفع هذا المعدل إلى نحو 40% بين بعض فئات السكان كما هو الحال بين طلاب المدارس، وهو مؤشر خطر ويدعو إلى القلق، ليس لعلاقته المباشرة بأمراض القلب فقط، ولكن لما يترتب عليه من أمراض أخرى، كأمراض الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي أيضاً. تفرض هذه المعطيات على المؤسسات الصحية المعنية في دولة الإمارات العربية المتحدة سواء كانت حكومية أو خاصة أو اتحادية أو محلية ضرورة التحرّك في تنسيق وتكامل في ما بينها لمواجهة ظاهرة ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب، عبر وضع خطة وطنية تتسم بدرجة عالية من التوازن والشمولية والتكامل، بحيث تراعي الأسباب الوراثية والأسباب المكتسبة، وأن تنظر إلى هذه القضية ليس باعتبارها قضية صحية فقط، ولكن أن ينظر إليها في إطار ارتباطها بالممارسات والسلوكيات الاجتماعية والعادات السيئة المؤدية إليها أيضاً، وأن تبذل الجهود اللازمة لمحاصرة مثل هذه الممارسات والسلوكيات الاجتماعية، وبمعنى آخر تحتاج محاصرة ظاهرة ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب خطة وطنية تراعي الجانب المجتمعي كما تراعي الجانب الصحي. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.