هناك من المؤشرات ما يرجح أن صناعة الطيران الروسية التي انتعشت مجدداً في الآونة الأخيرة تعمل الآن على تصنيع نسختها الخاصة من الطائرة الفضائية الأميركية، غير المأهولة، والقابلة لإعادة الاستخدام نوع "إكس-37 بي"، التي تم إجراء اختبار ناجح عليها في قاعدة "كيب كانافيرال" التابعة للقوات الجوية الأميركية في شهر أبريل الماضي. ومن المعروف أن خبراء الفضاء الروس قد أبدوا اهتماماً مقروناً بالإعجاب، عند مشاهدتهم لتجربة تلك الطائرة، التي جعلتهم يحسون أن صناعة الفضاء الأميركية قد حققت تفوقاً واضحاً على صناعتهم". وما يؤكد تلك المؤشرات الملاحظة التي أدلى بها الفريق "أوليج أوستابينكو" قائد القوات الفضائية الروسية، والتي ألمح من خلالها إلى أن الباحثين الروس يشتغلون في الوقت الراهن على تصميم مماثل. ففي تصريحه لوكالة "آر.آي. إيه نوفوستي" الروسية قال "أوستابينكو": هناك شيء قد تم عمله وفقاً لهذه الخطوط... أما السؤال الخاص بما إذا كنا سنستخدم هذه الطائرة أم لا فإنني أترك الإجابة عليه للزمن". والطائرة الفضائية الأميركية" إكس - 37 بي"، التي أمضت سبعة شهور في الفضاء أجرت خلالها أبحاث سرية قبل العودة إلى الأرض مرة أخرى في ديسمبر الماضي، هي مركبة فضائية، مصغرة الحجم، شبيهة بالمكوك يتم التحكم فيها من بعد، ومخصصة في الأساس للأغراض العسكرية. وقد لوحظ أن معظم التغطية الإعلامية لذلك المكوك الأميركي المصغر قد غلب عليها طابع التخوف، وهو ما يمكن تبينه من نوعية الأسئلة التي رددتها وسائل الإعلام الروسية ومنها على سبيل المثال: هل هناك احتمال لقيام الولايات المتحدة باستخدام إمكانياتها الفضائية المتفوقة، التي تعززت، بإنتاج المكوك المصغر في تقويض الأمن القومي الروسي؟ وهل يمكن للطائرة الأميركية إكس - 37 بي أن تهدد الأقمار الاصطناعية الروسية، أو أن تستخدم في تركيب صواريخ مضادة للصواريخ في قواعد فضائية؟ ويقول "فلاديمير ششيرباكوف" نائب رئيس تحرير مجلة"فزيلوت" الروسية المتخصصة في مجال الطيران: "إن الفكرة الأصلية التي تقوم عليها هذه الطائرة الفضائية هي تدمير المركبات الفضائية التابعة للعدو". ويضيف"ششيرباكوف":"يمكن القول إنها نوع من الطائرات الفضائية المقاتلة... ومن المعروف إنه إذا فقد العدو كل مركباته الفضائية التي توفر اتصالاته واستخباراته وملاحته وغير ذلك، فإنه سيكون في حالة فزع وقلة حيلة وعجز عن العمل... ومن هنا تنبع أهمية تلك الطائرة". وأضاف: "عندما يتم إنتاج نوع جديد أو طراز جديد من المركبات الفضائية، فإنه يتم عادة - من قبل الطرف المصنّع تحديد ما هو الغرض التي أنتجت تلك المركبة من أجله. ومن هو الخصم أو العدو التي ستستخدم ضده وهو ما لم يفعله الأميركيون حيث لم يحددوا الطرف الذي سيستخدمون هذه الطائرة ضده واكتفوا بالقول فقط إنهم يطورون تكنولوجيا من نوع جديد". ويقول "شييرباكوف" هناك احتمال كبير أن تكون روسيا منهمكة في الوقت الراهن في تصنيع نسختها الخاصة من هذه الطائرة، خصوصاً أن الكريملن يفضل النظر إلى المشروعات الفضائية الروسية الناجحة على أنها مشروعات ذات أهمية كبرى بالنسبة لتجميل صورة روسيا في الخارج، وتعزيز مكانتها العالمية، وأنه بعثر مليارات المليارات من الدولارات من أجل برامج فضائية منيت بالإخفاق في نهاية المطاف". ويقول حول ذلك:"في الوقت الراهن ينفق الكريملن بسخاء على المشروعات التقنية المتطورة التي نستطيع إنجازها بالفعل، والتي تكون احتمالات نجاحها كبيرة... وعندما تم إجراء اختبارات للطائرة إكس - 37 ب طرح كبار المسؤولين أسئلة حول ما إذا كانت الحاجة تستدعي إنتاج نسخة روسية من هذه الطائرة أم لا؟ وهذا كل ما أستطيع قوله حول هذا الموضوع في الوقت الراهن، خصوصاً أن مشروع إنتاج تلك الطائرة يتسم بالسرية في الولايات المتحدة وهو أكثر سرية هنا بالطبع. ولذلك فإنك لن تستطيع أن تلم بجوانب الموضوع بقدر كاف من اليقين". ومن المعروف أن البرنامج الفضائي الروسي قد انهار فعلياً في عقد التسعينيات من القرن الماضي، وأن مشروعه الوحيد الباقي هو مشروع لإنتاج "تاكسي فضائي"، وهو مجرد مركبة فضائية عادية مهمتها نقل علماء الفلك -"لمحطة الفضاء الدولية". وكان الاتحاد السوفييتي السابق قد أنتج مكوكاً فضائياً هو المكوك "بوران "الذي كان مصمماً وفقاً لتصميم أميركي مماثل، ولكن موسكو لم تتمكن من تجربته سوى مرتين فقط اتضح خلالهما عيوبه الكثيرة، مما دعاها للتخلي عنه نهائياً عام 1993. ولكن الذي حدث بعد ذلك، خصوصاً بعد تزايد الموارد المالية، هو أن علماء الفضاء الروس بدؤوا مجدداً في التفكير في مشاريع جديدة تشمل، إنتاج مركبة فضائية تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على حمل رواد فضاء للمريخ، وكذلك إنتاج مركبة فضائية على شكل مقصورة صغيرة، تعمل بالطاقة النووية، ولديها القدرة على طرد القمامة الفضائية، كما يمكن استخدامها أيضاً من أجل الوقاية من حوادث الاصطدام النجمية. وتصنيع طائرة فضائية قد يكون أمراً مفيداً للروس، حيث يمكن استخدامها في خدمة شبكة الأقمار الاصطناعية الروسية الجديدة "جلوناس"، وهي الرد الروسي على جهاز تحديد الموضع عالمياً "جي. بي. إس" الأميركي الصنع. وهذا المشروع يمضي قدماً، على الرغم من الاصطدام المروع الذي كلفه فقدان ثلاثة أقمار اصطناعية مرة واحدة في العام الماضي. ويقول"اندري لونين" خبير الفضاء المستقل أن ملاحظة "أوستابينكو" حول تصنيع نسخة روسية من الطائرة الفضائية إكس - 37 ب يصعب تفسير معناها ويضيف: "ولكن منطق الأشياء يقول إن الأميركيين والروس، وفيما يتعلق بالأبحاث الفضائية تحديداً - يجدون في النهاية أنهم يفعلون نفس الأشياء تقريباً". ـــــــــــــــــــــــــــــــــ فريد واير كاتب أميركي متخصص في شؤون العلوم والتقنية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"