الاهتمام بإدارة الكوارث والطوارئ أصبح يشكّل أولويّة متقدّمة في دائرة اهتمامات الدولة، وبات العمل على رفع كفاءة الجهات والهيئات المختلفة، واستعداداتها لمواجهة أي أزمات أو كوارث طارئة، هدفاً رئيسيّاً. ومن هذا المنطلق، تأتي المبادرة التي أعلنتها "توازن القابضة" في معرض "آيدكس 2011"، الخاصة بإنشاء "مدينة توازن لإدارة الكوارث" لتكون بمنزلة مرفق للتدريب على كيفية التعاطي مع الطوارئ والكوارث المحتملة. وأهمية المدينة لا تكمن في أنها تعتبر الأولى من نوعها في دولة الإمارات ومنطقة الخليج والعالم فحسب، وإنما للفلسفة التي تنطلق منها أيضاً، وهي إيجاد كوادر مواطنة تمتلك الخبرة في مجال إدارة الكوارث والطوارئ. إن الاهتمام بإدارة الكوارث والطوارئ أصبح ضرورة تنموية، لأنه مع ارتفاع سقف الطموحات التنموية في الدولة قد تظهر بعض الأزمات الطارئة، التي تتطلّب سرعة التعاطي معها، بالشكل الذي يقلّل من مخاطرها، وهذا يندرج ضمن الأهداف الرئيسية لـ"مدينة توازن لإدارة الكوارث"، فهي من ناحية تستهدف إعداد المهنيّين المتخصصين وتزويدهم بالكفاءات اللازمة للتصدي للأحداث الجسيمة في مجالات الأمن والسلامة وإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، كما أنها من ناحية ثانية ستتضمّن مرافق للتدريب على عمليات معقّدة تشترك فيها جهات متعددة معنية بإدارة الكوارث والأزمات، وهذا أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، لأن تجميع كل هذه الجهات في مكان واحد وتوفير ظروف قريبة من الظروف التي تحدث فيها الكوارث على أرض الواقع، يساعدان على تحديد مواضع الضعف والقصور وإدخال التعديلات اللازمة على طرق العمل والتدريب عليها، بحيث يعرف كل طرف الدور المنوط به في حال وقوع أيّ من الكوارث والأزمات، وهذا سيحقّق التكامل والتعاون والتنسيق اللازم بين جميع الأطراف والمؤسسات ذات العلاقة، حيث تشير تجارب إدارة الأزمات في العالم كله إلى أن غياب التنسيق بين الجهات المعنية في أثناء وقوع الكوارث والأزمات قد يؤدّي إلى هدر الوقت وضياع الجهد. وبهذا المعنى فإن المدينة ستقوم بدور رئيسي في اختبار قدرات العاملين في مجال إدارة الكوارث، وتدريبهم على التعاطي مع العديد من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك الحوادث الطبيعية، وأيضاً الزلازل وانهيارات المباني والانفجارات والحرائق وغيرها من الكوارث والأزمات. إن وجود كوادر بشرية قادرة على التعامل مع الكوارث والطوارئ المحتملة يعدّ توجّهاً استراتيجيّاً مهمّاً تمضي الدولة قُدماً نحو تطويره ليكون ملمحاً عامّاً لمختلف المؤسسات والجهات، وهناك بالفعل العديد من المبادرات المهمة التي تخدم هذا الهدف، مثل "البرنامج الوطني للاستجابة للطوارئ"، الذي يركّز على تدريب كوادر في مختلف القطاعات على التعامل مع الكوارث والأزمات للحدّ من مخاطرها قدر المستطاع، و"البرنامج الوطني التطوعي للاستجابة لحالات للطوارئ" (ساند)، الذي يهدف إلى تدريب متطوّعين من مختلف أنحاء الدولة على الاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات لدعم الجهود الحكومية، وتعزيز استعداد الأفراد وجاهزيتهم للاستجابة لحالات الطوارئ، وإدارة الأزمات التي يمكن وقوعها على المستويين الوطني والدولي. ولعل ما يضاعف من أهمية هذا التوجّه أن كثيراً من الأزمات التي أصبحت تواجه دول العالم في الوقت الراهن أصبحت ذات طابع عالمي، لا يتوقف تأثيرها عند دولة أو منطقة بعينها، وإنما تطول دول العالم أجمع، وهو الأمر الذي يفرض بدوره العمل على إعداد الكوادر البشرية القادرة على التعاطي معها بالكفاءة والسرعة المطلوبتين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.