بثَّت وسائل إعلام عربية يوم السبت الماضي، خبراً يزيد وجوه تلك النظم قباحة ومأساوية، فلقد أعلنت أن سيف الإسلام القذافي يحمل شهادة دكتوراه مزورة حصل عليها (تزويراً) من إحدى جامعات إنجلترا. وكردّ فعل أولي على هذا الخبر، أُعلن كذلك أن رئيس الجامعة المذكورة أعلن استقالته من منصبه الجامعي المذكور، فجاء ذلك بمثابة "تكملة" لما يحدث في ليبيا، وفي بلدان عربية أخرى. نعم، جاء ذلك الخبر، حقاً، بمثابة تلك التكملة، التي سلكت جامعات عربية أخرى هائلة، طريقها. ومنذ البدء، علينا إيضاح ما يظهر أنه "حالة خاصة جداً" في حقل الفساد، الذي اخترق عدداً متعاظماً من الجامعات في البلدان العربية. ومنذ فترة مضت (ربما منذ السبعينيات المنصرمة)، أخذت موجات من (طالبات وطلاب التزوير) تتكون وتتعاظم، وتصبح هي المهيمنة في القاعات الجامعية. ويتم هذا بتشجيع وحماية من جموع من الأساتذة في هذه الجامعات ومن رجال ونساء يعملون في مواقع رسمية خصوصاً، مثل منظمات نقابية شبابية ونسائية وعمالية، ووزراء وأبناء مسؤولين من الدرجة الأولى إلى الدرجة العاشرة. وإذ تم ذلك ويتم، فإنه يجد في المناصب الرسمية والأمنية والمالية...إلخ، دعماً له وحماية. ومن يدقق في تلك المعطيات، يجد مخاطر كبرى جديدة تجتاح الواقع التعليمي العالي كما المدارس الثانوية، إلى درجة أن مثلاً حياً أخذ يفرض نفسه على طرفي علاقة الفساد والإفساد في الجامعات و(المدارس) العربية، ذلك هو التالي: ادفع، أو ارفع! إنها فضيحة بل خيانة علمية وأخلاقية وسياسية، تؤسس لها آليات "العمل" في المواقع المعنية. وثمة حالات جديدة تضيف مخاطر جديدة إلى تلك المواقع وروادها من شباب وبنات ومِمّن يشرف على المشهد ويضبطه ويعممه. لقد أُثيرت في إحدى السنوات المنصرمة مسألة "ادفع أو ارفع"! ضمن أوساط اليونيسكو ومما يلتقي بها وينجم عنها، وطُرحت أسئلة خطيرة تمس شفافية المؤسسات التعليمية الجامعية وغيرها في بلدان عربية. وكان قرار حجب الاعتراف بتلك المؤسسات عبر عدم تطابقها مع الشروط العلمية المناسبة (باعتبارات اليونيسكو)، يكاد يكون قيد الإصدار، لولا دواع تتصل بالعلاقات السياسية بين دول وأخرى، ولم يصدر شيء! وظلت العلاقات الزائفة والكاذبة والفاسدة بين أطراف محددة على هذا الصعيد، تحاصر الحقيقة والشفافية والعلم، في بلدان عربية وأخرى. وفي نهاية المطاف، ظل استحقاق الإصلاح الوطني الديمقراطي ملاحقاً ومهزوماً، وظلت طغم الفساد والإفساد تأكل من "ثدي الحرة" ومن "شرف الجميع". وبالمناسبة، فإن ظاهرة القذافي حالة عامة وعُمِّمت، فإن يكون ابن "القائد القذافي" قد حصل على شهادة دكتوراه، أمر لم يعد مستغرباً في عوالم عربية دُمِّر فيها ثالوث "الكرامة والحرية والكفاية المادية"، لتهيمن ثلاثية "الفساد والإفساد والمال المبيّض الفاسد، ورجل الأمن كاتب التقارير، وما يلفّ معه. فلقد تعاظم عدد "القادة التاريخيين" وما يلتحم بهم من رذائل ومخاطر المجتمعات، وأصبح يمثل حالاً من العار التاريخي، الذي يتعين على الجميع من شرفاء الوطن أن يواجهوه، باتجاه نهوض جديد.