رأت مجموعة كبيرة من الخبراء الاقتصاديين والمشاركين في مؤتمري "قمة الاستثمار في الشرق الأوسط 2011" و"مؤتمر صناديق التحوّط في العالم والشرق الأوسط 2011"، اللذين عقداً مؤخراً في الدولة، أنه في الوقت الذي تتسبب فيه الاضطرابات السياسيّة في تهديد مناخ الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن المناخ الاستثماري في دولة الإمارات يبقى محصّناً في مواجهة تأثيرات هذه الاضطرابات، نظراً إلى الاستقرار الذي تنعم به الدولة على مختلف الصّعد. إن العدد الكبير للخبراء الذين شاركوا في المؤتمرين المذكورين، والتوزيع الجغرافيّ للبلاد التي ينحدرون منها، يمكن اعتبارهما بمنزلة المعايير الدالة على أن آراءهم ليست إلا عينة ممثّلة لرأي عام عالمي ينظر إلى الاقتصاد الإماراتيّ ومناخه الاستثماري بثقة كبيرة، فثقة هؤلاء الخبراء الكبيرة بالاقتصاد الإماراتي ليست إلا جزءاً من ثقة عالمية واسعة بهذا الاقتصاد، القادر على أن يستوعب ويمتص الصّدمات الناتجة عن الاضطرابات السياسية التي تموج بها المنطقة، التي تسبّبت في تقليص حركة الإنتاج، وأضرّت بالطلب الاستهلاكي والطلب الكلي في العديد من الدول، ودفعت إلى خروج كمية كبيرة من رؤوس الأموال من المنطقة، وكذلك فقد قلّصت الاضطرابات السياسية الأخيرة حجم الإقبال السياحي على المنطقة، خاصّة على الدول التي شهدت بعض هذه الاحتجاجات. من الأمور المستبعدة بشكل كبير أن ينجو أيّ اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوجه خاص، وفي العالم بوجه عام، من التأثيرات السلبية الناتجة عن الاضطرابات السياسيّة التي تموج بها منطقة الشرق الأوسط نفسها، حيث إن هذه الاضطرابات لها تأثيرات سلبيّة كبيرة في مجموعة من المتغيرات المهمّة والمؤثرة في مستوى الاقتصاد العالمي ككل، كإمدادات النفط والطاقة العالميّة، وأسعار النفط العالمية، وحركة الملاحة في عدد من أهم ممرات الملاحة البحريّة في العالم، مثل "قناة السويس" المصرية، وبشكل أو بآخر حركة الملاحة البحرية في كلٍّ من البحر المتوسط والمحيط الهندي وجنوب البحر الأحمر، وبالتالي فهي لها من التأثير في حركة السلع والخدمات والأفراد ما يجعلها قوًى محركة ومؤثرة على نطاق واسع في حركة كلٍّ من التجارة والسياحة ورؤوس الأموال العالمية. في مثل هذه الظروف ينظر إلى الاقتصادات القادرة على استيعاب تداعيات الاضطرابات السياسيّة في منطقة الشرق الأوسط، وامتصاص آثارها السلبية من دون خسائر كبيرة بعين الإعجاب والثقة، ولعل الاقتصاد الإماراتي يعدّ واحداً من هذه الاقتصادات، وعلى ما يبدو فإن الأداء المستقرّ للاقتصاد الإماراتي على مدار الأشهر الماضية، إلى جانب تداركه الانعكاسات السلبية للاضطرابات السياسية في المنطقة، قد شجّعا "صندوق النقد الدولي" على مراجعة تقديراته بشأن النمو المتوقع للاقتصاد الإماراتي خلال العام الجاري، ليزيد مؤخراً هذه التقديرات إلى نحو 3.3 في المئة بعد أن كانت تقدّر بنحو 3.2 في المئة خلال شهر أكتوبر الماضي، وهو ما يتماشى مع توقعات الخبراء المجتمعين في المؤتمرَين المذكورَين مسبقاً بشأن المناخ الاستثماريّ الآمن في الدولة. في المجمل، فإن كلاً من آراء الخبراء، وتقديرات "صندوق النقد الدولي"، ليست إلا انعكاساً للحالة الصحيّة العامة التي يتمتع بها الاقتصاد الإماراتيّ في الوقت الحالي، التي ظل متمتعاً بها ومحافظاً عليها على مدار السنوات والعقود الماضية، التي تمكّن بفضلها من الخروج من أسوأ مراحل "الأزمة المالية العالمية" من دون خسائر كبيرة، وها هي تمكّنه من جديد من التغلّب على تداعيات الاضطرابات السياسية الإقليمية من دون أي انتكاسات سلبية في الأداء. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية