فوكوشيما تؤجل طموحات آسيا النووية... ولاعودة لسياسات الحرب الباردة كيف أثرت كارثة فوكوشيما اليابانية على مشروعات الطاقة النووية في العالم؟ وهل ينتهج أوباما سياسات خارجية جديدة تنهي تلك المستخدمة إبان الحرب الباردة؟ وماذا عن علاج التضخم في كوريا الجنوبية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. دروس "فوكوشيما" تحت عنوان "دروس الأزمة النووية"، نشرت "جابان تايمز" يوم الأربعاء الماضي مقالاً لـ"مايكل ريتشاردسون"، استهله بالقول إن العالم قبل اندلاع الأزمة النووية اليابانية، كان على وشك الدخول في نهضة نووية، حيث عدد متزايد من البلدان الآسيوية اختار الطاقة النووية كوسيلة للحصول على الكهرباء اللازمة لتسريع النمو الاقتصادي دون الانبعاثات الكربونية التي يرى العلماء أنها تسبب تغيراً خطيراً في مناخ الأرض. لكن بعد كارثة تسونامي الذي ضرب اليابان في 11 مارس الماضي اتجه السجال الدولي نحو المخاطر النووية خاصة في المناطق ذات النشاط الزلزالي. وضمن هذا الإطار، فإن الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة الحدودية بين تايلاند ولاوس والذي أسفر عن اهتزازات في مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن بانكوك وهانوي ونانينج بجنوب الصين، سيزيد من درجة المخاوف المتعلقة بالسلامة النووية في آسيا. ريتشادسون، وهو باحث وزميل زائر بمعهد دراسات جنوب آسيا في سنغافورة، يرى أن كثيراً من البلدان الآسيوية، بما فيها إندونيسيا والفلبين، تقع بالقرب من مناطق غير مستقرة جيولوجياً، وهي منطقة تعرف بـ"دائرة النار"، وهي معرضة للزلازل والبراكين والتسونامي، وتمتد من حوض الباسفيك إلى تايوان واليابان وألاسكا، ثم السواحل الغربية للأميركتين. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنها تراجع معاييرها الخاصة بالسلامة النووية، في كل منشآتها النووية. ويُجري القائمون على المراجعة فحصاً وتدقيقاً لمواقع المنشآت النووية الحالية. أما أوروبا فحكوماتها منقسمة حول ما إذا كان يتعين عليها التراجع عن التوسع في المنشآت النووية، أو الاستمرار في بناء محطات جديدة. وضمن هذا الإطار أجّلت إيطاليا لمدة عام على الأقل العمل في برنامج نووي كانت قد أوقفته في عام 1986 عندما وقعت كارثة تشيرنوبل. كما أعلنت ألمانيا في وقت مبكر عن إغلاق مؤقت لسبع محطات نووية قديمة من أصل 17 محطة. وبالنسبة لفرنسا التي تعد ثاني أكبر منتج للطاقة النووية- بعد الولايات المتحدة، فإنها- مع دول أوروبية أخرى- ستواصل استخدامها للقنية النووية... ورغم ذلك يظل السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الطاقة النووية ستبقى بنداً لا غنى عنه لمستقبل الطاقة النظيفة، لا سيما أن الصين وغيرها من الاقتصاديات الآسيوية في حاجة إلى طاقة كهربائية (يتم إنتاجها بكميات أقل من الكربون)، فهذه الاقتصاديات بحاجة إلى نمو سريع من دون تلويث للهواء. ويشير الكاتب إلى أنه قبل كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني، كان هناك مخطط على الصعيد العالمي لإنشاء 155 مفاعلاً نووياً، ناهيك عن 320 آخرين تم اقتراح إنشائها، وإذا سارت الأمور بالوتيرة التي كانت عليها قبل تسونامي اليابان، فإنه يمكن بحلول عام 2030 مضاعفة الطاقة الإنتاجية للعالم من المفاعلات النووية وثمة 440 مفاعلاً نووياً في 31 دولة حول العالم، وهذه المفاعلات تنتج ما نسبته 15 في المئة من الكهرباء التي يتم استهلاكها على الصعيد العالمي. اللافت أن 56 من أصل 85 مفاعلاً نووياً تحت الإنشاء توجد في آسيا، وهي موزعة كالتالي: 33 بالصين و8 في الهند و8 في كوريا الجنوبية، و6 في اليابان و1 في تايوان. وسوف يكون من الصعب على البلدان المشار إليها أن تتراجع عن بناء هذه المفاعلات دون الإضرار بخططها الخاصة بالتنمية. الكاتب يقول إن الصين التي تنوي بحلول 2020 زيادة عدد مفاعلاتها النووية بمقدار أربعة أضعاف، أعلنت في الآونة الأخيرة تعليقاً مؤقتاً لإصدار الموافقات على بناء مفاعلات جديدة، حتى يتسنى للحكومة الصينية مراجعة معايير السلامة. ويتطرف الكاتب لدروس كارثة فوكوشيما التي تتمحور حول التشديد على إجراءات السلامة، وتأمين مولدات احتياطية لإنتاج الطاقة بجوار المفاعلات في المناطق المعرضة للمد البحري، مع مراعاة استخدام أكثر التصميمات أمناً، والاعتماد على أنظمة تتوخى أعلى معايير السلامة خاصة في تخزين الوقود المستنفد. من ترومان إلى أوباما في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "أوباما يعترف بحدود القوة الأميركية"، رأت "سيدني مورنينج هيرالد" أن الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان أعلن بعد الحرب العالمية الثانية أن بلاده تدعم الشعوب الحرة التي تقاوم الاحتلال أو الإلحاق والضغوط الخارجية، وهذا الموقف تم توصيفه بـ"مبدأ ترومان"، الذي سرعان ما تحول إلى موقف أميركي خلال الحرب الباردة وما بعدها. وتقول الصحيفة إن أوباما تطرق أثناء حديث أدلى به الأسبوع الماضي،إلى مساعدة الشعوب التي تقاوم الاستعباد. أوباما مثل ترومان، تحدث عن التدخل الأميركي من منظور أخلاقي، فهو يرى أن بلاده تتحرك من منطلق المسؤولية التي تقع على عاتقها كقوة عظمى، ومن خلال الواجب الإنساني تجاه أخوتنا في الإنسانية... بعض الأمم تستطيع غض الطرف عن الفظاعات التي ترتكب، وهو أمر لا تستطيع الولايات المتحدة القيام به. أوباما قال أيضاً إن عبء التحرك أو القيام بفعل ما لا يجب أن يكون أميركيا فقط، وبخصوص الوضع في ليبيا، يقول الرئيس الأميركي "إن مهمة بلاده، هي حشد المجتمع الدولي من أجل تحرك جماعي، وعلى العكس من مزاعم البعض، فإن القيادة الأميركية، لا تعني العمل الأحادي أو تحمل الأعباء بمفردنا". وترى الصحيفة أنه سبق لرؤساء أميركيين بناء تحالفات طويلة الأمد، من أهمها "الناتو" الذي يقود الآن العمليات العسكرية ضد القذافي. الفرق أن الرؤساء الأميركيين السابقين لم يصفوا مهمة بلادهم على أنها حشد للمجتمع الدولي. أميركا من وجهة نظر أوباما ليست بلداً مختلفاً عن بقية البلدان، بل لديها حلفاء لا تستطيع التحرك من دونهم. والتساؤل الآن هل تصريحات أوباما، يمكن اعتبارها عقيدة للقرن الحادي والعشرين، لمرحلة ما بعد الإمبريالية يمكن من خلالها استبدال عقيدة ترومان؟ الصحيفة تطرقت إلى ما أسمته بـ"عقيدة بوش" القائمة على الإطاحة بالأنظمة التي تعتبرها واشنطن مصدر تهديد لأمنها، حتى لو كان التهديد ليس وشيكاً، وهذا في إطار التدخل لفرض الديمقراطية، لكن هذه العقيدة قُبرت، خاصة بعد إصرار أوباما على أن كل ما في وسع واشنطن فعله بالنسبة لليبيا هو حماية شعبها، لكن هذا الأخير عليه أن يحرر نفسه بنفسه. وبهذا تكون أميركا قد أكدت أنه لا تكرار للتدخل على النمط العراقي، وأن سياسات الحرب الباردة باتت تاريخاً. عملة قوية خصصت "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، لرصد حالة العملة الكورية "وون"، قائلة إنها تزداد قوة، ليصبح سعر صرفها مقابل الدولار = 1.100وون مقابل دولار واحد. وحسب الصحيفة في الماضي، كان إحراز العملة الكورية لمكاسب سريعة، يستدعي تدخلاً عاجلاً، من قبل صناع القرار الاقتصادي الراغبين في ضمان معدلات نمو عالية للاقتصاد الكوري من خلال زيادة حجم الصادرات... وحسب الصحيفة، لم تلمح الحكومة للتدخل في السوق سواء بالقول أو بالعمل، ما يعطي انطباعاً بأن العملة القوية ستكافح التضخم، وإذا كان الأمر كذلك، فإن السياسة الاقتصادية تسير في الاتجاه الصحيح، لأن التضخم مشكلة حقيقية. ويشار إلى أن أسعار المستهلك شهدت خلال مارس الماضي ارتفاعاً بنسبة 4.7 في المئة، وهو الأعلى منذ أكتوبر 2008، كما أن تلك الزيادة تعد الثالثة على التوالي خلال الشهور الثلاثة الماضية التي تتخطى نسبة الـ4 في المئة. ويبدو أن الحكومة الكورية تحاول الحد من التضخم بالسماح بارتفاع قيمة العملة، وهذا في حد ذاته يعد قطيعة مع سياسة أخرى تهدف إلى زيادة الصادرات من خلال الإبقاء على سعر صرف منخفض لــ"الـوون". وترى الصحيفة أن الزيادة المفترضة في قيمة العملة لن تسفر عن تراجعات اقتصادية خطيرة، حيث حقق الميزان التجاري فائضاً خلال الشهر الماضي بما قيمته 3.1 مليار دولار. ارتفاع أسعار المنتجات تلحق الضرر بذوي الدخول المنخفضة، وهذا يثير استياء الكوريين، فثمة استطلاع للرأي يرى 63 في المئة من المشاركين فيه أن حالهم الآن بات أسوأ مما كانوا عليه قبل ثلاث سنوات، أي قبل وصول الرئيس "لي ميونج باك" إلى السلطة. إعداد: طه حسيب