في الحادي عشر من مارس تعرضت اليابان لواحد من أقوى الزلازل في التاريخ الحديث. ونحن نبذل في الوقت الراهن جهوداً شاملة، لاستعادة الحياة إلى طبيعتها والإفاقة من سلسلة المآسي التي تلت الزلزال الكبير الذي وقع في شرق البلاد وأسفرت عن مصرع وفقد 28 ألف شخص من بينهم مواطنون أجانب. منذ الحادي عشر من مارس، نتلقى في اليابان دعماً قوياً من أصدقائنا في مختلف أنحاء العالم. وبالنيابة عن شعب اليابان أود أن أعرب عن خالص عرفاني بالجميل لكل ما تلقيناه من دعم وتضامن من ما يزيد عن 130 دولة، وما يقرب من 40 منظمة دولية، والعديد من المنظمات غير الحكومية، وعدد لا يحصى من الأفراد من شتى أنحاء العالم. إن الشعب الياباني يعرب عن تقديره العميق لكافة مظاهر الصداقة التي بُينت له والتي جعلته يدرك خلال المحنة الطاحنة التي مر بها أن الصديق الحق هو ذلك الذي يقف مع صديقه وقت الحاجة. بعد الزلزال مباشرة، مدت الولايات المتحدة، أهم صديق وحليف لنا، يد التعاون على الفور، حيث تفضل الرئيس الأميركي بالاتصال بي تليفونياً كي يعبر لي عن التزامه بوقوف الولايات المتحدة على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم الشامل للشعب الياباني خلال الأيام العصيبة التي يمر بها. وخلال ذلك الاتصال أعاد أوباما التأكيد على أن العلاقة بين أمتينا ستظل راسخة. وكان لهذه الكلمات تأثير هائل في تشجيع أعداد هائلة من أبناء الشعب الياباني بما فيهم أنا شخصياً. ومنذ فترة مبكرة من جهود الاستجابة، أنجزت القوات المسلحة الأميركية بمثابرة ودأب العديد من مهام الإنقاذ على العديد من الجبهات كجزء من "عملية توموداتشي"( تعني الصداقة) باليابانية. إن الموقف الذي أظهره الأميركيون في سياق تلك العملية قد مس بعمق قلوب وعقول اليابانيين جميعاً. والدعم الذي تلقيناه لم يأت فقط من قبل حكومات ولكن أيضا من قبل منظمات غير حكومية وأعداد لا تحصى من الأفراد، واتخذ أشكالاً متنوعة تراوحت بين المساعدة الإنسانية، ومهام البحث والإنقاذ، والفعاليات الخيرية، وجمع التبرعات. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث تلقينا أيضاً دعماً أميركياً كاملاً في الاستجابة للحوادث التي وقعت في منشأة "فوكوشيما دايتشي" للطاقة النووية، اشتمل على تقديم المعدات وغيرها من أشكال المعاونة المادية كعربات مكافحة الحرائق، والسترات الواقية من النيران، وتقديم الخبراء النوويين، وفرق السيطرة على الإشعاع. إنني أنظر بجدية بالغة، وآسف كل الأسف، على الحوادث النووية التي تعرضنا لها في منشأة "فوكوشيما دايتشي"، وأود أن أؤكد أن وضع الأمر تحت نطاق السيطرة في أسرع وقت ممكن سوف يكون على قائمة أولوياتي. وفي إطار قيادتي لجهد موحد للحكومة، عملت على حشد كافة الموارد المتاحة لمقاومة المخاطر التي تشكلها المنشأة المذكورة وذلك استناداً على ثلاثة مبادئ أُجملها فيما يلي: الأول، منح أولوية قصوى لسلامة وصحة جميع المواطنين وعلى وجه الخصوص أولئك الذين يعيشون بالقرب من المنشأة. الثاني، تنفيذ عملية إدارة خطر كاملة. الثالث، التخطيط لكافة السيناريوهات المحتملة بحيث نكون على أهبة الاستعداد للاستجابة لأي مواقف قد نواجهها في المستقبل. في نفس الوقت اتخذت الحكومة كافة الخطوات الممكنة لضمان سلامة كافة الأطعمة والمنتجات الأخرى قبل وصولها للأسواق. وللمحافظة على سمعة المنتجات اليابانية في الخارج، سوف نعيد مضاعفة الجهود للمحافظة على الشفافية وإطلاع الجميع على التقدم الذي نحققه في ظل الظروف المعقدة والمتغيرة في منشأة "فوكوشيما دايتشي". وإنني أتعهد أن تعمل الحكومة اليابانية على التحقق الكامل والسريع من سبب الحادث الذي وقع في هذه المنشأة، وعلى تشاطر المعلومات، والدروس المستفادة مع باقي دول العالم بما يساعد على تجنب تكرار مثل هذا الحادث في المستقبل. ومن خلال هذه العملية سنكون قد ساهمنا بإيجابية في الحوار العالمي لزيادة درجة أمان منشآت توليد الطاقة النووية. أما فيما يتعلق بالسياسة الشاملة للطاقة، يجب علينا التصدي ـ بالتساوي ـ لتحدٍ يتكون من شقين، الاستجابة للطلب المتصاعد على الطاقة العالمية ومحاولة تقليص الانبعاثات الغازية المسببة ظاهرة الاحتباس الحراري. إن الزلزال العنيف الذي وقع في شرق اليابان، وما نتج عنه من موجات مد بحري عالٍ (تسونامي)، كانا من أشد الكوارث الطبيعية التي منيت بها اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وعملية إعادة إعمار المنطقة المتضررة لن تكون بالأمر السهل. ومع ذلك فإنني واثق تمام الثقة أن هذه المرحلة الصعبة سوف تزودنا بنافذة ثمينة للفرص من أجل الميلاد الجديد لليابان. وسوف تكرس الحكومة اليابانية كافة جهودها كي تثبت للعالم أجمع قدرتها على تخطيط وتنفيذ أكثر خطط إعادة البناء تعقيداً لمنطقة شرق اليابان، وهي خطط تقوم على: أولاً، خلق مجتمع إقليمي عالي المقاومة للكوارث الطبيعية. ثانياً، تأسيس منظومة اجتماعية تسمح للشعب أن يعيش في تناغم مع البيئة العالمية. ثالثاً، بناء مجتمع متعاطف يعتني بالناس، وخصوصاً أولئك المعرضين للمخاطر. إنني أومن بأن أفضل طريقة يمكن بها لليابان أن تكافئ روح الصداقة ويد المساعدة التي مدت لها هو أن تستمر في المساهمة بكافة جهودها في المجتمع الدولي، ومن أجل هذه الغاية سوف أبذل قصارى جهدي لتنفيذ عملية إعادة إعمار تقدمية الفكر تمنح الناس أملاً في مستقبل مشرق. ويسرني أن أرحب من أعماق قلبي بدعمكم المستمر وتعاونكم. ناوتو كان رئيس وزراء اليابان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"