تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بوجود العديد من الجوائز التي تزف للمجتمع أعداداً من الفائقين، والمتميزين، من الكبار والصغار، موظفين كانوا أو تلاميذ. ونشهد دورياً تكريماً وحفاوة لهذه الفئة الغالية في مجتمعنا، فحضور على أعلى المستويات يتمثل بمشاركة أصحاب القرار من الشيوخ والمسؤولين، وكم هي سعادة الإنسان بمثل هذا التقدير الذي هم أهله... وكم هي فرحة الفائز عندما تُلقط له الصور التذكارية مع القادة والمسؤولين، ولكن فور انتهاء الزخم الإعلامي، وانصراف الناس إلى جداولهم المزدحمة، يرجع هؤلاء المكرمون كي يعيشوا حياتهم من جديد، وكأن شيئاً لم يحصل... والسؤال هو: هل من سبيل للخروج بمعادلة جديدة لهؤلاء الناس كي نقطف ثمار تميزهم؟ دعوني أركز حديثي في مجال أعشقه ألا وهو التربية والتعليم، ففي الإمارات هناك أكثر من جائزة تقديرية في هذا المجال منها جائزة خليفة التربوية، وهي تحمل اسم قائد مسيرتنا الوطنية حفظه الله ورعاه، وجائزة الشارقة التربوية والتي يرعاها صاحب السمو عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، وجائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز والتي احتفلت الأسبوع الماضي بتكريم المئات من الفائزين، في حفل تربوي يرقى لمستوى طموحات كل من شهده، وأشاد بهذا الحفل ضيوف الجائزة والمكرمون من داخل الدولة وخارجها. وتضم هذه الجائزة العديد من الفئات نلخصها في التلاميذ الفائقين والمعلمين المتميزين والإداريين والموجهين، والأسر... والقائمة تضم العديد من الفئات المشاركة. ويشعر الإنسان بالسرور، وهو يرى دموع الفرحة تزين وجوه العديد منهم ويسمع تصفيق وزغاريد الثناء تهز المدرجات وكأننا في عرس تربوي مهيب. ويفرح الإنسان وهو يتجول في المعرض المصاحب كي يرى تميز التلاميذ الصغار في مناشط مختلفة كالعلوم والفنون بمجالاتها المختلفة، ولكن السؤال مازال مطروحاً... ثم ماذا؟ توقفت مع بعض من فاز بالجائزة وبالذات من التلاميذ، وكنت اسألهم عن مستقبلهم، وماذا ستكون عليه حياتهم بعد الجائزة. ويؤسفني أنني خلصت إلى نتيجة واحدة وهي ، سنستمر في الطريق، ولكن إلى أين ومتى لست أدري! فلما سألتهم عن سر الحيرة، كان الجواب لست أدري! وعندما تحولت منهم للكبار كي أطرح عليهم السؤال نفسه، كان الجواب: لست أدري ! ولو سألت بعض المسؤولين عن مستقبل هؤلاء الفائزين ستصدم بجواب عنوانه لست أدري ! عندها قررت أن أكتب هذا المقال فهم التائهون المكرمون. أمثال هؤلاء من الناس في دول أخرى، لا ترجع حياتهم بعد التكريم كما كانت، فمن كان منهم موظفاً نال ترقية يستحقها كي نقول لمن هم مثله الترقية المهنية ليست تلقائية، بل هي بجد واجتهاد وانظروا إلى من سبقكم في هذا المجال، وكم سنربح كمجتمع ومؤسسات من عقول هؤلاء لو كانوا أصحاب قرار، حتى وهم صغار في العمر لأن عقلهم أكبر من غيرهم، وبما أن التميز كائن حي في جسد نشط، فهو قابل للمرض والموت لو لم ينل جسده الرعاية المطلوبة. أما التلاميذ فينبغي تخصيص من يشرف على مسيرتهم ويعينهم في تخطيط مستقبلهم كي لا نحولهم إلى عقول مهجورة أو لا قدر الله مهاجرة.