في الوقت الذي تستخدم فيه إسرائيل كافة أسلحتها وأدواتها في المعركة "السياسية والدبلوماسية والعسكرية والدعائية" ضد الشعب الفلسطيني وعلى كل الجبهات الدولية والإقليمية لكسب القضية وجلب المزيد من المهاجرين إلى "أرض الميعاد والسمن والعسل " لتأمين مستقبلها الديموجرافي أمام المد السكاني الفلسطيني المتزايد، وضمان استمرار دورها في الشرق الأوسط، تنشغل الساحة الفلسطينية "الملتهبة "الرسمية والتنظيمية بمعركة تأمين لعبة الكراسي والنفوذ وتأمين الموالين بدفع الملايين , فيما تقدم إسرائيل 20 ألف دولار للأسرة المهاجرة، وفتحت أبوابها أمام الأقارب غير اليهود لليهود للالتحاق بأقاربهم لضمان التمدد الاستيطاني والفوز بالمعركة الديموجرافية بعد تحقيق الفوز في المعركة السياسية والدعائية "حيث يعتقد معظم الأوروبيين والأمير كيين أن الفلسطينيين هم الذين يحتلون إسرائيل ويقومون بأعمال إرهابية ضد المدنيين الأبرياء". ويشحذ الأشقاء أسلحتهم ويرسمون الخطط استعدادا للمعركة الفاصلة "كسر العظم "وتمزيق الجسد والنسيج الفلسطيني لتأمين المناصب. شارون يستعجل الانتهاء من بناء جدار الفصل العنصري وكسب معركة قضم الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع , في حين الأشقاء مختلفون ويستعدون لإشعال حريق كبير في البيت الفلسطيني! ..مفارقة مرة ومؤلمة تدعو للأسى والحزن.
العالم انتصر للشعب الفلسطيني ضد جدار الفصل العنصري في لاهاي" محكمة العدل الدولية" وتصويت 150 دولة بالأمس في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد الجدار هو أيضا انتصار دولي لعدالة القضية الفلسطينية وشعبها الذي يواجه آلة الاستئصال الصهيونية, وهذا يؤكد على أن الحقوق الفلسطينية لن تسقط بالتقادم ولن تسقط أمام جبروت القوة الصهيونية الغاشمة, والشعب الفلسطيني باق وهو الذي سيحقق النصر بتماسكه ووحدته, والتاريخ تكتبه الشعوب وليس الأشخاص, هذه المعادلة هي التي تقلق شارون وأركان الدولة العبرية منذ إنشائها على ارض فلسطين بقوة السلاح والطرد والتهجير, وقد عملت جميع الحكومات الإسرائيلية وبدرجات متفاوتة على تشجيع اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول جاهدا استغلال الظرف الدولي الراهن وضعف السلطة الفلسطينية وانشغالها بصراع الأجهزة والمناصب لإنجاز مشروعه ودعوة يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، غير عابيء بما أثارته هذه الدعوة المغلفة بموجة العداء للسامية من رد فعل فرنسي غاضب أعلنت فرنسا على إثره أن شارون شخص غير مرحب به.
تشير جميع التوقعات الديموجرافية إلى أن اليهود سيصبحون أقلية في فلسطين مع نهاية العقد الحالي بسبب ارتفاع معدلات الولادة في المجتمع الفلسطيني, وأن الاحتلال سيشكل في نهاية المطاف تهديدا للصهيونية. كما تؤكد الحقائق العملية على الأرض أن الشعب الفلسطيني هو الذي سوف يقرر مصيره ويحقق حريته ويحافظ على وحدته وتماسكه، ولن يدخل دهاليز صراع المناصب والنفوذ.