تراجعَ زعماءُ الحزب الجمهوري في مواجهتهم مع الرئيس أوباما بشأن رفع سقف دين البلاد، وهذا يعني أنه بات من غير المرجح أن نواجه أزمة مالية الشهر المقبل، وهو التاريخ الذي قالت الخزينة إنها ستصبح فيه عاجزة عن دفع فواتير الحكومة الفدرالية. لكن ذلك لا يعني أننا قد استطعنا حل أي من مشاكلنا المالية، بل أن موقفي الحزبين متباعدان أكثر من أي وقت مضى. ومن المؤكد أن الأمر سيتطلب مفاوضات شاقة للتوصل إلى حل، ولو على المدى القريب. والواقع أن الانقسامات بين الفريقين جوهرية؛ فأوباما والديمقراطيون يرغبون في الحفاظ على الإنفاق الفدرالي مرتفعاً على المدى القريب لاعتقادهم بأن الاقتصاد بحاجة إلى كل التحفيز الذي يمكن أن يحصل عليه. هذا بينما يرغب الجمهوريون في خفض الإنفاق لاعتقادهم أنه يشكل عبئاً على الاقتصاد. بيد أن الإنفاق ليس المشكلة الأكبر هنا، فهو قابل للنقاش ويمكن التفاوض حوله، وأوباما أيضاً يرى أنه لابد من كبح العجز الفدرالي، بل وافق حتى على إدخال تخفيضات على مزايا "ميديكير" والضمان الاجتماعي مستقبلا، وهو أمر رفضته رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. وقال الجمهوريون إن مقترحات أوباما حول تخفيضات الإنفاق أصغر وأبطأ مما ينبغي، وإن التخفيض الذي اقترحه بخصوص ميديكير والضمان الاجتماعي لن يأتي بالسرعة الكافية ولم يكن محددا بما يكفي حتى يأخذوه على محمل الجد. ومع ذلك، فالإنفاق قابل للنقاش والتفاوض. إن المشكلة الأكبر هي الضرائب. فأوباما يشدد على أن أي مخطط لتقليص العجز ينبغي أن يشمل عائدات جديدة، ما يعني زيادة الضرائب على فئة ما من الأميركيين، وهم دافعو الضرائب من أصحاب المداخيل المرتفعة غالباً. ولبعض الوقت بدا أن رئيس مجلس النواب جون بوهنر (جمهوري) متردد في موضوع الضرائب، ذلك أنه معجب بفكرة إصلاح ضريبي كبير تقضي على الثغرات، لكنه بالمقابل يشدد على أن حزبه لن يدعم صفقة تشمل زيادة واضحة في الضرائب. تلك نهاية "صفقة كبيرة" كان يمكن أن تخفض العجز الفدرالي بما قد يصل 4 تريليونات دولار على مدة 10 سنوات. والواقع أن كلا الجانبين يتفقان على ضرورة تقليص "ميديكير" و"ميديكإيد" والضمان الاجتماعي. كما أنهما متفقان على أن إصلاح الضرائب هو أفضل وسيلة لزيادة العائدات الضريبية. إلا أنهما مازال يختلفان حول الوتيرة التي ينبغي بها خفض الإنفاق وحول ما إن كان ينبغي رفع الضرائب على الأغنياء. ثم إنه لا توجد ضمانة على أن الناخب الأميركي سيقدم حكماً واضحاً وصريحاً، ذلك أن معظم الناخبين يقولون إنهم يرغبون في خفض الضرائب وتقليص العجز وكبح الإنفاق، لكن بدون تخفيض لمزايا ميديكير أو الضمان الاجتماعي. كما يقول الناخبون إنهم يحبون حكومة منقسمة كوسيلة لكبح الحزبين. وعلى أية حال، فإنه إذا تمكن أوباما من الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فمن المرجح أن يواجه أغلبيتين جمهوريتين في كلا المجلسين، وهو قد يجعل مفاوضات هذا الشهر تبدو كذكرى جميلة! دويل مكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"