تناقلت وسائل الإعلام العالمية، مؤخراً، خبراً لحفل طلاق بين زوجين يابانيين قررا إنهاء علاقتها الزوجية التي استمرت سبع سنوات بشكل مختلف عما هو متعارف عليه لدينا في "الشرق" عموماً، ولا أدري إن كانت هذه الطريقة جزءاً من الثقافة اليابانية أم لا. الزوج لم يصب بالاكتئاب ولا بالتشنج بل كان بكامل أناقته، والمرأة لم تقم بالعويل والصريخ واللطم بل كانت بفستان جميل. تواجد في حفل الطلاق الاستثنائي ضيوف وباقات ورد. على عكس ما قد يأتي به الانطباع الأول عن الطلاق عندنا من مفردات مختارة من قاموس "الشتائم" والسباب واتهام الآخر بنكران العشرة. والأخطر من ذلك رحلة المحاكم والقضاة والتي قد تنتهي بالكثير من التعقيدات والمشاكل والتضحيات، أخطرها الأبناء؛ ثمرة هذه العلاقة وضحايا الانفصال. العادات والتقاليد في الشرق، في حالات الانفصال، تكون في جانب الرجل. لكننا أحياناً نحتاج إلى المنطق والعقلانية؛ لأن الأبناء هم مستقبل الأوطان وثروته، لذا نحتاج لبعض التوعية كي نصل إلى علاج قضايا كهذه بشيء من المنطق خاصة في دولة الإمارات حيث نعاني خللاً في التركيبة السكانية ونحتاج إلى كل فرد بمواصفات إضافية. وحسب الدراسات الاجتماعية، فإن تأثير انفصال الزوجين على الأبناء كبير للغاية، كما أن هذا التأثير قد يمتد إلى حياة الأبناء والأحفاد مستقبلاً، وبخاصة حياتهم الزوجية. الأمر عبارة عن سلسلة، وفيه الكثير من التعقيدات التي ينبغي على من يقرر تكوين أسرة أن يكون لديه وعي كامل بها. وهذا الجهد ربما "مفقود" لدى الكثيرين، لذلك فإن معدلات الطلاق تسجل ارتفاعاً في بعض إمارات الدولة. والنقطة الأولى هنا أنه مثلما اعتاد اليابانيون إبهار العالم بكل شيء في نظام حياتهم، وآخرها في التعامل مع كارثة "تسونامي"، فإنهم أرادوا أن يكون لهم السبق في كيفية إنهاء علاقة تتسم طبيعتها عندنا في الشرق بأنه لا توجد فيها أي عقلانية أو منطقية. لدينا أمثلة إيجابية تحاكي طلاق اليابانيين، وربما زواجهم واحترام كل زوج للآخر، كما تابعناه في المسلسل الياباني "جوهرة القصر". والنقطة الأخرى، أن الزوج وفقاً للعادات والتقاليد الشرقية، ليس لديه أي مشكلة، لكن المعاناة والحسرة تكون من نصيب المطلقة، والتي تزيدها ألماً الثقافة الذكورية حين تفقد حضانة أطفالها. وربما يتنازل لها الزوج عن حضانة الأطفال بشرط أن تتفرغ لتربيتهم، وإن فكرت بالزواج فسيكون مصيرها الحرمان حتى من رؤيتهم. ذاكرتنا وصحفنا مليئة بالقصص التي تحرم فيها المطلقة من رؤية أبنائها دون سبب سوى أنها قبلت أن تنهي علاقتها الزوجية أو فكرت في الزواج بعد انفصالها. وفيما تمنى الزوجان اليابانيان أحدهما للآخر التوفيق في حياته القادمة، فإن مسألة "امتلاك" الرجل للمرأة تعدُّ سمة من مواصفات الرجل الشرقي. بل إن النشوة بحرمان المطلقة من النجاح في الحياة الجديدة وتهديدها بحرمانها من رؤية أبنائها... كل ذلك يجعل المرأة في الشرق أسيرة أفكار البعض. قضية الطلاق في الإمارات تحتاج إلى دراسة حقيقية ومناقشة جادة، خاصة وأن الإحصائيات تشير إلى زيادتها على مستوى الدولة. وفي العموم، فإن نظامنا في العلاقات الزوجية يحتاج إلى إعادة تأهيل كلا طرفيها لضمان حياة مستقرة. وإذا ما بحثنا في الأسباب نجد أن أغلبها لا مبرر له وإنما الأمر يحتاج إلى وعي أكثر لفهم كيفية إدارة العلاقات الزوجية.