ثمة أزمة بين العراق والكويت حول بدء الأخيرة بناء ميناء مبارك في جزيرة بوبيان الكويتية، حيث تتلخص وجهة نظر الكويت في أن الهدف الرئيسي لبناء الميناء الجديد تحقيق مصالح الكويت، لأنها تنوي أن تصبح دولة منفتحة تجارياً واقتصادياً، وسوف يستفيد العراقيون من الميناء الجديد بما يساعد على ترسيخ التعاون بين البلدين، ويصب في مصلحتيهما في النهاية. وقد أكدت الكويت أن الميناء لا يشكل أي عقبة في وجه حركة الملاحة في خور عبدالله، وألا تعارض بينه وبين الموانئ العراقية، وأن تعميق الممرات الملاحية البحرية بعمق 16 متراً سيفيد كل دول المنطقة وجميع السفن التجارية التي تقصد شمال الخليج وموانئه، وسيوفر الميناء ممراً لتجارة الترانزيت إلى دول شبه الجزيرة العربية والخليج. فالتصدير وإعادة التصدير يعتبران من الإيرادات التي تعمل دول العالم على تنميتها ويمثل مدخلاً لزيادة التصدير مما يفيد الكويت ودول الجوار. العراق بدوره، يرى أن من حق الكويت بناء ميناء على أراضيها، لكنها -كما قال- لم تبلغه عن نيتها بناء الميناء.. إلا أن الحكومة العراقية تراجعت واعترفت بأنها على علم بالموضوع. والعراق نفسه لديه فكرة إنشاء ميناء الفاو، لكن المشروع لم يتم اعتماده والفكرة لم تتم الموافقة عليها حتى الآن. والمزعج في الأمر هو استغلال السياسيين في كلا البلدين لهذه الخلافات البسيطة وتضخيمها، إذ يحاول كل طرف تسجيل بطولات إعلامية وهمية ضد الطرف الآخر لكسب أصوات الناخبين. مشكلة السياسيين والإعلاميين في الكويت، أنهم ما زالوا يعيشون بعقلية الماضي؛ مرحلة صدام حسين والغزو الجائر... فهنالك خوف وهلع من العراق رغم حقيقة أن المشاكل الحدودية تمت معالجتها حسب قرار مجلس الأمن رقم 833 الصادر تحت الفصل السابع، والذي يدعو الطرفين للالتزام به، وهو إعادة تخطيط الحدود بموجب الرسائل المتبادلة بين حكومتي العراق والكويت عام 1932، والتي تم التأكيد عليها في محضر مشترك عام 1963. ما يهمنا هنا ليس العودة للماضي، بل المستقبل والتأكيد على أهمية فتح قنوات اتصال شعبية وثقافية وإعلامية وتجارية واقتصادية، لتذليل كل العقبات التي تعترض وتعوق التعاون بين البلدين. فليس من مصلحة الكويت إغلاق أبوابها في وجوه العراقيين الشرفاء، وعلى إعلامنا التوقف عن التشكيك في عروبة العراق وإسلامه، فالعراق هو بلد التنوع العرقي والديني والمذهبي، والطبيعي أيضاً... مما يجعله بلداً غنياً بثرواته البشرية والمادية. وهنالك فرص للاستثمار والازدهار الاقتصادي مفتوحة للجميع، وقد بادر القطاع الخاص الكويتي بالاستثمار في شمال العراق وجنوبه، مما يدل على أن الكويت لا تمتلك أي حساسية تجاه العراق وشعبه. إخوتنا في العراق عليهم مسؤولية كبيرة في تحسين العلاقات بين الشعبين، والخلافات الداخلية في العراق بين الشعب الواحد يجب تخطيها نحو بناء الوطن الواحد، بالتوافق والتراضي، وليس عبر العنف والاستقواء بالأجانب. وبمعنى أن الخلاف السني الشيعي يجب ألا يبعد العراق عن أهله العرب، وزج إيران في قضايا العراق ومصالحه لا يخدم إلا الطائفيين الانعزاليين. علينا في الكويت والعراق معاً التفكير في مصالحنا وإعادة صلات القربى ووشائج الإخاء بين الشعبين، فتاريخنا ومصالحنا أهم من العبث السياسي.