أعلن أمين عام جامعة الدول العربية أن سوريا تتجه إلى حرب أهلية، وأن النظام السوري إما غير ملتزم أو ملتزم جزئياً بمبادرة الجامعة لحل الأزمة، مضيفاً: "نحن قلقون جداً لأن هناك التزامات محددة لم تنفذ، وإذا استمر ذلك فمن الممكن أن يتحول الأمر إلى حرب أهلية". إدراك "العربي" لخطورة الوضع في سوريا ألجأه إلى طلب وساطة مشعل من حركة "حماس" الإخوانية، والمقربة من إيران وسوريا، وهو أمر مستغرب، خصوصاً وأن هذه الحركة حليفة للنظام السوري، وما قبول القيادة السورية بتوسطها بعد أن رفضت سابقاً أي توسط إلا دليل قاطع على أن القيادة السورية في ورطة تريد الخروج منها بأي ثمن. النظام السوري يراهن على أن تقرير الجامعة العربية سيكون لمصلحته، خصوصاً وأنه يشعر بعدم وجود أي دعم عربي يؤيده في إجراءاته القمعية ضد شعبه الأعزل. التدخل العربي بإرسال مراقبين عرب لسوريا لا مبرر له إطلاقاً، خصوصاً وأن الجامعة العربية ليس لديها الإمكانات ولا الكوادر القادرة على مراقبة كل ما يحصل في سوريا. ربما يكون المبرر الوحيد هو التمهيد لتقديم غطاء عربي لتدويل الوضع في سوريا، لكن مهمة المراقبين فشلت ولم تؤد الغرض منها، وقد أصيب بعضهم بجروح وانسحب بعضهم أيضاً، مثل الجزائري أنور مالك الذي اتهم بعثة الجامعة بالتغطية على جرائم النظام وحماية الأسد. رئيس وزراء قطر أكد بأن لا جدوى من المراقبين، وأن العنف والقتل الجماعي ازدادا بعد وصول المراقبين. كيف يمكن حماية الشعب السوري بعد فشل مهمة الجامعة؟ كثر الحديث عن أهمية التدخل الدولي لحماية الشعب السوري، لكن التدخل الدولي في سوريا الآن ليس بالأمر السهل، لاعتبارات كثيرة؛ أهمها رفض الدول العظمى (مثل روسيا والصين) تأييد قرارات مجلس الأمن الدولي ضد سوريا. كما أن الأوضاع السياسية في الولايات المتحدة بعد الانسحاب من العراق والتمهيد للانسحاب من أفغانستان العام القادم، لا تسمح لأوباما الذي يخوض انتخابات جديدة في نوفمبر المقبل، أن يزج بقوات أميركية في مغامرة خارجية أخرى. كما أن الأوضاع الاقتصادية في أوروبا تمنع اتخاذ قرارات مكلفة لميزانيات الدول هناك. الأمر الأسهل البعيد عن التدخلات الدولية ربما يكون تحجيم دور الدول التي تدعم النظام السوري، وتحديداً روسيا والصين وإيران. والواضح الآن أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يسعون إلى تقليص دور إيران ومحاصرتها بالعقوبات الاقتصادية. التطور الجديد في سوريا اليوم هو الانشقاق داخل الجيش، حيث أعلن اللواء السوري مصطفى أحمد الشيخ، وهو أرفع ضابط سوري ينشق وينضم لصفوف المعارضة، أن انشقاق الجنود ينهك الجيش الموالي للأسد، لكن المتمردين قد يحتاجون إلى عام لإسقاط النظام. وماذا عن موقف الدول العربية عامة والخليجية خاصة، في الضغط على النظام لوقف حمام الدم الجاري؟ الدول العربية، خصوصاً بعد الحراك الذي شهده عام 2011، مشغولة بترتيب أوضاعها الداخلية، وليست لديها رؤية مشتركة تجاه سوريا. موقف الدول الخليجية تبلور مبكراً برفضها اللجوء إلى العنف ضد الشعب السوري الأعزل، حيث سارعت كل من السعودية وقطر والكويت لسحب سفرائها والموافقة على العقوبات. وقد انتقدت الإمارات سلوك النظام السوري، وأعلنت أن دمشق لا تلتزم بقرارات الجامعة ولا بالقرارات الدولية. دول الخليج لديها تجربة مريرة مع الجامعة العربية عندما غزا صدام الكويت، فلم ينقذها إلا التدخل الدولي. د. شملان يوسف العيسى