يشكّل الاهتمام بالصناعة والعمل على تطويرها أولوية كبرى لحكومة أبوظبي والإمارات بوجه عام، ليس لأنها تلعب دوراً حيوياً في تنفيذ سياسة تنويع مصادر الدخل القومي والحد من الاعتماد على النفط فقط، وإنما لأنها تعتبر ركيزة مهمة من ركائز استراتيجية التنمية طويلة المدى أيضاً، من هذا المنطلق، فإن ما تم إعلانه مؤخراً من اعتزام حكومة أبوظبي إنشاء ثلاث مدن صناعية متخصّصة جديدة بمعايير عالمية، اثنتان في المنطقة الغربية، وثالثة قرب المصفح، يكتسب أهمية كبيرة، لأن هذه المدن الصناعية المتخصّصة في المواد البلاستيكية والبتروكيماويات ومواد البناء والمواد الكيميائية والخدمات اللوجستية والسيارات، ستشكّل نقلة نوعية للصناعة الوطنية، والارتقاء بها، وتعظيم مساهماتها في الناتج القومي الإجمالي. هذه المشروعات الجديدة، تأتي في سياق الاستراتيجية الصناعية لأبوظبي، التي تستهدف العمل على إيجاد قطاع صناعي فعال ومنافس، وذي مساهمة جيدة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، يقوم بدور فعال في تحقيق "رؤية أبوظبي 2030"، التي تركز بصفة خاصة على الصناعات التحويلية التي تمتاز بقدرة كبيرة على زيادة معدلات التشغيل الكلي في الاقتصاد، وتنمية بقية القطاعات الاقتصادية، من خلال تحقيق التشابك بين هذه القطاعات، لتحقيق التنمية المستدامة. لقد نجحت أبوظبي، والإمارات بوجه عام، في غضون السنوات القليلة الماضية، في وضع قاعدة صلبة لانطلاقة كبرى للإنتاج الصناعي من خلال مجموعة من التسهيلات والحوافز، تمثلت في توفير بنية أساسية قوية للخدمات العامة، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى مثل الخدمات المصرفية، وهي أمور ضرورية لأي مشروعات صناعية تعتمد على الاستثمارات المحلية أو الأجنبية، بالإضافة إلى إزالة كافة العقبات التي تعترض الصناعة المحلية، فضلاً عن تقديم الحوافز للمصانع لتشجيعها على تشغيل أكبر نسبة من العمالة الوطنية، وتوفير القروض الميسّرة للقطاع الصناعي، في الوقت الذي سمحت فيه للمستثمرين الأجانب بإقامة صناعات جديدة طالما أنها لا تشكّل منافسة للمشروعات المحلية. وكانت نتيجة هذه الجهود أن شهد القطاع الصناعي نهضة كبيرة تمثلت في زيادة عدد المنشآت الصناعية واستثماراتها في مختلف إمارات الدولة، فضلاً عن دخول الدولة في مشروعات صناعية كبرى مشتركة مع العديد من المؤسسات العالمية، كما أصبحت المنتجات الصناعية تعتمد على الجودة وتنافس المنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية والعالمية. الاهتمام المتزايد بتطوير قطاع الصناعة يتماشى مع "رؤية الإمارات 2021"، التي تستهدف إرساء اقتصاد مستدام مبني على المعرفة ومتنوع ويكون على درجة عالية من الاندماج في الاقتصاد العالمي بما يحقّق فرصاً أفضل لمختلف القطاعات، خاصة قطاع الصناعة، لأنه القطاع المؤهل لدفع جهود التنمية، لتوافر العوامل المساعدة على قيام الصناعات المختلفة، ما يجعل هذا القطاع يتمتّع بالعديد من المزايا النسبية التي تتيح له أن يسهم بصورة فاعلة في سياسة التنوع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة، خاصة أن التقديرات تشير إلى أن مساهمة قطاع الصناعة في الناتج الإجمالي المحلي للإمارات مرشحة للزيادة، وبلوغ نسبة 25 في المئة في غضون الأعوام الخمسة المقبلة، بدلاً من 16 في المئة حالياً، وذلك في إطار خطة استراتيجية لتعزيز فرص القطاع الصناعي في الداخل، وتعظيم مخرجاته في سياسة التنوع الاقتصادي. ـــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.