تعدّ دولة الإمارات واحدة من البيئات التكنولوجية المتطوّرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وهي تنافس لاحتلال مراتب متقدّمة على مستوى العالم في هذا الشأن، حيث تنتشر في الدولة ثقافة استخدام التطبيقات التكنولوجيّة في مختلف مناحي الحياة، بداية من استخدام الأفراد أنفسهم هذه التكنولوجيات لإنجاز مهامّهم الحياتية، كالاتصالات و"الإنترنت" والخدمات المصرفية والمالية والخدمات الأخرى بشتّى أنواعها، وصولاً إلى استخدام المؤسسات الحكومية هذه التكنولوجيات كآليّة لتقديم خدماتها إلى الأفراد من المواطنين والوافدين والمستثمرين والسائحين، وإلى المؤسسات الخاصّة المحلية منها والأجنبية. إن الاهتمام الكبير، الذي توليه دولة الإمارات لنشر ثقافة التعامل مع التكنولوجيا باختلاف تطبيقاتها واستخداماتها بين جنبات المجتمع ، يأتي كوسيلة لتطويع هذه التكنولوجيا لخدمة أهداف التنمية الشاملة في الدولة، للوصول إلى غايات نهائيّة محدّدة، كتحسين جودة حياة السكان، وزيادة كفاءة الإنتاج في المؤسسات والمشروعات الخاصة، وتحسين قدرة المؤسسات الحكومية على تأدية مهامّها على الوجه المناسب، وللوصول إلى هذه الغايات تخصّص الدولة ميزانيات كبيرة للاستثمار في تحسين البنية التكنولوجية للمجتمع. كما أن انتشار ثقافة استخدام التكنولوجيا في مختلف مناحي الحياة يدفع الأفراد إلى الانخراط في هذا الاتجاه، وتكون المحصّلة النهائية لاهتمام كل من الدولة والأفراد بذلك هي ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الإنفاق على التكنولوجيا. وعموماً فقد وصل نصيب الفرد من هذا النوع من الإنفاق في دولة الإمارات إلى مستويات قياسيّة، وقد قدرت قيمته بنحو 648 دولاراً، وفقاً لبيانات مؤسسة "آي دي سي" المتخصّصة في الأبحاث والاستشارات في قطاع التكنولوجيا العالميّة. وقد احتلت الدولة بذلك المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ليس هذا فحسب، بل إنّ الأيام القليلة الماضية قد شهدت صدور مؤشرات أخرى في الإطار نفسه، حيث استطاعت دولة الإمارات أن تحتل المرتبة الأولى بين الأسواق الناشئة على مستوى العالم في سباق التطوّر الحادث في مجال الدفع الإلكترونيّ "الدفع باستخدام بطاقات الائتمان"، وذلك وفقاً لتصنيف مؤسسة "ماستر كارد" العالمية المتخصصة في المجال نفسه، وهو ما شجّع تلك المؤسسة على اختيار دولة الإمارات كنقطة لإطلاق حزمة جديدة من خدمات الدفع الإلكتروني، تتضمّن استخدام الهاتف المتحرك كوسيط للدفع عوضاً عن بطاقات الائتمان، ويعبّر ذلك، ليس عن إعجاب وثقة تلك المؤسسة، وغيرها من المؤسسات ذات النشاط المشابه، بأداء الدولة في مجال الدّفع فقط، بل إنه يمثل مؤشراً إلى ثقتها بقدرات الدولة على مواصلة الأداء المتميّز نفسه خلال الفترات المقبلة أيضاً، ولعل اختيارها كنقطة انطلاق لنوعيّات جديدة من خدمات الدفع الإلكتروني يعد دليلاً على أن البيئة الإماراتيّة هي بيئة خصبة ومؤاتية لنجاح هذه الخدمات الجديدة على مستوى العالم. إن انتشار استخدام التكنولوجيا بين مختلف فئات المجتمع وأفراده، وتعميم استخدامها بين المؤسسات الحكومية والخاصة بهذه الطريقة، والنجاح الذي تحققه الدولة في توظيف هذه التطبيقات في خدمة أهداف التنمية، تمثل خطوات مهمة على طريق بناء مجتمع المعرفة الذي تسعى الدولة إلى الوصول إليه، وهو المجتمع الذي تكون فيه المعرفة أداة محورية من أدوات الإنتاج، في الوقت نفسه الذي تشغل فيه المعرفة حيزاً مهماً في القيمة المضافة وإجمالي الناتج الذي يحققه المجتمع أيضاً. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.