تحديات يمن "ما بعد صالح"...وسوريا في انتظار موقف موحد أصداء تسليم السلطة في اليمن من صالح لعبدربه، والدعوة لالتفاف المعارضة السورية والمجتمع الدولي حول قيم إنسانية كبرى في التعامل مع نظام بشار، وألمانيا تعود لقيادة أوروبا من بوابة الأزمة المالية...موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. رحيل "صالح" في افتتاحيتها ليوم أمس، وتحت عنوان "هل خروج صالح ينقذ اليمن من الفوضى؟"، سلطت "واشنطن بوست" الضوء على تطورات المشهد اليمني، قائلة: ثمة ثلاث مرات، وعد فيها عبدالله صالح بتوقيع اتفاق للتنحي، وفي المرات الثلاث حنث بوعوده، لقد ترك اليمن مرتين من أجل تلقي العلاج، وتوجه إلي الولايات المتحدة، ثم عاد إلى اليمن مرة أخرى كي يحبط معظم رجاله. أخيراً نجد أن أفقر البلدان العربية، والتي تعد المرتكز الأقوى لتنظيم "القاعدة" يتخلص من رجل سيطر على مقاليد الأمور فيه طوال الـ33 عاماً الماضية، حيث تسلم عبدربه منصور هادي مقاليد السلطة، وأدى اليمين الدستورية يوم السبت الماضي، وثمة تقارير إخبارية تقول إن صالح سيتمتع بحصانة من الملاحقة القضائية، ويتأهب لمغادرة اليمن والتوجه إلى إثيوبيا. ما حدث – حسب الصحيفة- يعد اختراقاً في اليمن، الذي شهد عاماً كاملاً من صراع متعدد الأطراف والأوجه على السلطة. رحيل صالح عن السلطة يعد إنجازاً للولايات المتحدة، التي لطالما دعمت حكومته، ويعد كذلك إنجازاً لدول الخليج، التي توسطت من أجل انتقال السلطة في اليمن. لكن مهمة إعادة الاستقرار لا تزال في بداياتها، والأمر نفسه يتعلق بالاقتصاد وتحقيق الديمقراطية وإزالة تهديدات "القاعدة". من جانبها ستركز واشنطن على الأهداف الثلاثة الأخيرة المتمثلة في(الاقتصاد والديمقراطية وتهديدات القاعدة)، على حساب الأهداف الأخرى. مستشار البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب، زار اليمن، خلال السنوات الثلاث الماضية، سبع مرات، والإدارة الأميركية تدفع باتجاه إعادة تدشين قوات الأمن اليمنية، بحيث يتم التخلص من سطوة بعض القادة الذين باتوا أشبه بأمراء الحرب. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان إبن صالح أو أقاربه الذين يترأسون وحدات أساسية في الأمن اليمني سيتم نزع سلطاتهم، وإذا لم يتم ذلك، فربما يعيد هؤلاء استبداد نظام صالح. الإدارة الأميركية تخطط لمواصلة شن عملياتها الخاصة ضد "القاعدة" في اليمن التي تستخدم فيها طائرات من دون طيار. وفي الوقت نفسه تدفع باتجاه إعادة تنظيم الجيش اليمني ليعيد سيطرته على الأرض في جنوب اليمن، لاسيما في المناطق التي سيطرت عليها "القاعدة". وتنوه الصحيفة إلى أن ثمة انفصاليين في الشمال مدعومين من إيران، وهؤلاء لابد من التعامل معهم إما بالقوة أو بالتفاوض. وإذا استقر اليمن لفترة طويلة، فإن حكومة عبدربه منصور يجب أن تمضي قدماً في تفعيل ما وعدت به من حوار مع الحركة اليمنية المطالبة بالديمقراطية، والرامية إلى وضع دستور جديد، على أن تجهز لانتخابات ديمقراطية حقيقية خلال عامين. وتشير الصحيفة إلى أن الطلاب وقادة المجتمع المدني الذين بدأوا الثورة اليمنية قبل عام من الآن، والذين نجوا من هجمات مميتة شنتها عليهم قوات موالية لعبدالله صالح لا يزالون خارج نطاق خطة انتقال السلطة، ولم يتم الاهتمام بمطلبهم الخاص بمحاسبة "صالح" على عمليات القمع. وتقول الصحيفة: ربما من الضروري نزع فتيل صراع يهدد بتحول اليمن إلى أتون حرب أهلية وفوضى كتلك التي يشهدها اليمن، لكن إذا واصلت الولايات المتحدة مقايضة مصالحها الأمنية قصيرة الأجل باقتصاد اليمن، وتنميته وحريته السياسية، فإنها ستدفع الثمن عندما يصل جيل الشباب إلي السلطة في اليمن. سوريا: مبررات التحرك في افتتاحيتها، ليوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان "أصدقاء سوريا...ما هو المبرر القوي الذي يوحد المشاركين من أجل التحرك؟"، استنتجت "كريستيان ساينس مونيتور" أنه في كل من الأمم المتحدة ولقاء "أصدقاء سوريا"، ثمة قناعة تتشكل بخصوص قيمة عالمية تبرر اتخاذ خطوة تجاه سوريا. الصحيفة تقول إن أي شخص يشاهد المذابح اليومية التي يتعرض لها السوريون بمن في ذلك الأطفال الرضع والمراسلون الأجانب، لابد وأن يطرح تساؤلاً مؤداه: كيف ستنتهي هذه المأساة؟ وإذا تم اللجوء إلى الخبرة التاريخية في قراءة المشهد السوري، فإن نقطة التحول سيتم الوصول إليها عندما يتحد عدد كافٍ من المعارضين السوريين، والأمر نفسه بالنسبة للاعبين الدوليين، ويقروا قناعتهم وتأييدهم لقيم عالمية تتعلق بالإنسانية وحقوق الإنسان والديمقراطية، وعند الوصول إلي هذه المرحلة سيكون بمقدور من هم داخل سوريا وخارجها وضع خلافاتهم جانباً. وثمة تقدم حدث يوم الجمعة الماضي أثناء استضافة تونس للقاء مجموعة أصدقاء سوريا التي تضم 60 بلداً، وتمخض اللقاء عن أرضية مشتركة ضد بشار الأسد وجنرالاته المسؤولين عن مقتل ما يزيد على 7000 سوري خلال العام الماضي. وحسب الصحيفة لا تزال المعارضة السورية، سواء المسلحة أو السلمية تركز على الدين والعرقية – ناهيك عن ادعاءات تتعلق بالشرعية والقيادة- على حساب القيم العليا من التغيير في العالم العربي، وثمة خلافات بين التيارات الإسلامية حول تعقيدات الدور الذي يتعين على الأجانب تقديمه لمساعدة السوريين على الوحدة في مواجهة نظام بشار. وتطرح الصحيفة تساؤلات من بينها: هل سوريا تتطلب مساعدات إنسانية يحتاجها آلاف اللاجئين؟ تركيا بدأت في تفعيل هذا المسار ، ويمكن من الناحية الإنسانية توفير مناطق عازلة داخل سوريا ربما تكون قريبة من الحدود التركية. وتطرح الصحيفة تساؤلاً آخر، مفاده: هل يتطلب القتل المتواصل في سوريا خطوة لفرض احترام حقوق الإنسان ومنع وقوع فظاعات؟ الأمم المتحدة اتخذت خطوة في هذا الاتجاه حيث قررت المنظمة الدولية أن الأشخاص السوريين الذين يشغلون مناصب عليا في الحكومة السورية يتحملون المسؤولية عما جرى من جرائم ضد الإنسانية، وعن غيرها من الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان. وهل القوى الخارجية أوفت بما يصرخ به المتظاهرون السوريون من أجل الديمقراطية؟ وتجيب الصحيفة بأنه في يوم 16 فبراير الجاري صوت 137 عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح رحيل الأسد عن السلطة، مقابل 12 رفضوا ذلك. وتخرج الصحيفة بقناعة مفادها أن أي من الأهداف المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والاعتبارات الإنسانية تستطيع من الناحية النظرية العمل كما لو كانت قوة بمقدورها توحيد المجتمع الدولي، ومثلما يقول المفكر الفرنسي فيكتور هوجو: (تستطيع مقاومة جيش غازٍ، لكنك لا تستطيع مقاومة فكرة حان وقت تطبيقها". سُلطة ألمانيا خصص "هنري شو" تقريره المنشور بـ"لوس أنجلوس تايمز" يوم الاثنين الماضي لرصد تطورات المشهد الأوروبي وتفاعلاته تجاه الأزمة المالية. فتحت عنوان "ألمانيا تجد نفسها تعود إلى السلطة في أوروبا"، استنتج "شو" أن ألمانيا أصبحت الرئيس الذي لا يمكن مناقشته بخصوص أزمة الديون الأوروبية والمخاوف الاقتصادية بالقارة العجوز، لكن هذا التحول أثار إستياءً لدى جيران ألمانيا، ولدى الألمان أنفسهم. الكاتب الذي خط تقريره من برلين يقول إن الطموح الألماني الكبير لم يتحقق منذ 70 عاماً، فبعدما خسرت ألمانيا حربين عالميتين، وبعدما ارتكبت فظاعات، خاضت طريقها ثانية نحو أوروبا، وتركز هذه المرة على إصلاح اقتصادها، تاركة قيادة القارة لبلد مثل فرنسا. الخطة الألمانية نجحت، وبات من المفارقات التاريخية أن ألمانيا الآن تجد نفسها في موقع لم يكن من المفترض في الماضي أن تتبوأه إلا وهو الهيمنة على أوروبا. مصير الاقتصاد العالمي الآن بين أيادي الألمان، كونهم يقودون الجهود الرامية لانقاذ اليونان المثقلة بالديون، فاليونانيون يتمتمون بعبارة "الرايخ الرابع"، والألمان يحاولون منع اليونان من التدهور نحو الأسوأ أو انتقال المشكلة إلى دول أخرى في منطقة "اليورو". وفي يوم الاثنين الماضي، نجحت المستشارة الألمانية في الحصول على موافقة برلمان بلادها على تقديم 175 مليار دولار لليونان، وهو ما يراه الكاتب إجراء يثير انقسامات لدى دافعي الضرائب في ألمانيا، كونهم يمولون نصف هذا المبلغ. وعلى الصعيد الدولي يطالب أوباما وغيره من قادة العالم ألمانيا بالمساهمة بمبالغ أكبر لتدشين صندوق إنقاذ أوروبي دائم بحيث يكون هدفه مواجهة أزمة الديون، هذا المطلب يشكل ضغطاً على المستشارة الألمانية، التي لا تزال ترفض الانصياع له. إعداد: طه حسيب