أوضح الدكتور عمار علي حسن في مقاله الأخير "الثورة وميراث يوليو... انفصال أم اتصال؟"، أن ثورة يوليو 1952 كانت ثورة لكل العرب، كونها فتحت نوافذهم على الاستقلال، وصنعت لهم إطاراً سياسياً لعقدين زاخرين من الزمن الزاهر، كما أحدثت تحولات اجتماعية فارقة في مصر، إلا أن ما حققته من "عدل اجتماعي" نسبي ودور خارجي كبير تمت مقايضته بالحريات السياسية والديمقراطية، أو "العدل السياسي"، وهي مسألة ثبت خطؤها تاريخياً. لذلك يعتبر الكاتب أنه لم يبق اليوم من ثورة يوليو سوى "ميراث الاستبداد" الذي دفع المصريون ثمناً غاليّاً من أجل القضاء عليه من خلال ثورة 25 يناير المفعمة بحنين جارف إلى زمن الليبرالية المصرية. صحيح أن ثورة يوليو أجّلت المسألة السياسية الديمقراطية، لكن لمصلحة المسألة الاجتماعية التي حققت فيها إنجازات كبرى، حيث أوصلت خدمات التعليم والصحة ومرافق الحياة الحديثة، إلى القرى والمناطق الريفية، فكان إنهاء الحصار التاريخي على الفلاحين مقدمة لإعادة إنتاج التراتبية الاجتماعية التقليدية، مما فتح الباب للتطور السياسي في مصر. محمد جلال -القاهرة