الصراع السياسي الدائر بين القوى السياسية المصرية ستكون له انعكاسات داخلية مصرية وانعكاسات عربية وإقليمية تتخطى حدود الشقيقة مصر. فالصراع الديني المدني لا علاقة له بثورة 25 يناير وأهدافها ومطالبها التي لم يتحقق منها شيء... فالصراع السياسي على مقعد الرئاسة، والذي سيختار فيه الشعب المصري يومي 16 و17 من الشهر الجاري أحدَ المرشحَين؛ الإخواني محمد مرسي أو رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق. وهنالك تخوف بين التيارات المدنية والتقدمية والليبرالية في مصر من فوز مرشح التيار الديني (الإخوان المسلمين) لأنهم إذا فازوا بكرسي الرئاسة يكونون قد أحكموا قبضتهم بالكامل على الوضع السياسي في مصر، لأن "الإخوان" قد فازوا بالأكثرية البرلمانية بعد جولتين انتخابيتين لمجلسي الشعب والشورى. السؤال: أين تكمن مصالح دول الخليج العربية؟ هل من مصلحتها دعم مرشح "الإخوان" أم مرشح أنصار الرئيس السابق "مبارك"؟ أو بمعنى آخر: هل تفضل دول الخليج رئيساً من التيار الديني أم من التيار المدني؟ ورغم حقيقة أن دول الخليج تحكمها أنظمة تقليدية محافظة دعمت في السابق ولا يزال بعضها يدعم القوى الدينية المحافظة في الوطن العربي، خصوصاً القوى السلفية، فإن هذه الدول لديها مواقف خاصة، فهي من جهة تشن حرباً شعواء ضد القوى الجهادية السلفية من أنصار "القاعدة"، لكنها في الوقت نفسه تدعم بعض قوى الإسلام السياسي في الوطن العربي... فهل من مصلحة دول الخليج فوز مرشح "الإخوان المسلمين" في مصر؟ بالتأكيد لا، لأن فوز "الإخوان" بالرئاسة المصرية معناه وصول تيار الإسلام السياسي لسدة الحكم في أكثر من دولة عربية، مما سيؤدي حتماً إلى تقوية القوى الإسلامية (الإخوان المسلمين) التي تقود معركة قوية وضارية في سوريا. فوصول "الإخوان" لسدة الحكم في مصر سيعجل حتماً بسقوط النظام السوري، وإذا تحقق ذلك فإن تيارات الإسلام السياسي تكون قد وصلت إلى حدود الدول الخليجية. أكثر من دولة خليجية لديها مواقف معادية لـ"الإخوان المسلمين" كتنظيم سياسي... فالأمير نايف بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية لديه مواقف معلنة معادية لـ"الإخوان المسلمين"، إذ يعتبر أنهم كتنظيم يشكلون خطراً على أمن بلاده والخليج. وهناك أكثر من مسؤول خليجي آخر أعلن أن "الإخوان" يتآمرون على دول الخليج، ولديهم مخطط للوصول إلى السلطة في دول الإقليم. الحكومة الكويتية لم تتخذ أي موقف معاد لـ"الإخوان المسلمين"، لكنها اتخذت خطوتين رائدتين في رفض مشاريع "الإخوان المسلمين" في مجلس الأمة بتغيير المادة 79 من الدستور التي تشترط لمرور القانون موافقة رئيس الدولة ومجلس الأمة وأن تتوافق مع الشريعة الإسلامية... حيث رفض أمير البلاد أي تغيير في الدستور لأن ذلك يعني أسلمة القوانين في الدولة المدنية. وعموماً فإن دول الخليج لن تكون مرتاحة لوصول مرشح "الإخوان المسلمين" للسلطة في أكبر دولة عربية وأهمها... لكن في حالة حدوث ذلك ستحاول هذه الدول استقطاب مصر حتى لا توسع علاقاتها مع إيران التي لديها مشاكل متعددة مع دول الخليج، سواء فيما يخص الجزر الإماراتية المحتلة، أو التدخل في شؤون البحرين، أو الخلاف حول الجرف القاري مع الكويت... نأمل أن يختار المصريون الرئيس الذي يمثل مصالحهم.