أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله توجيهات، أول من أمس، لديوان المحاسبة لإعداد مشروع قانون لمكافحة الفساد، في خطوة ذات دلالة نوعيّة لا تخطئها عين المراقب، كونها تعكس بشكل صادق مدى اهتمام القيادة السياسيّة بمحاربة الفساد، وحرصها على تبني الإجراءات الوقائية اللازمة لاجتثاث أي ممارسات أو أشكال للفساد بشتى صوره من جذورها، والقضاء عليها في مهدها، للقضاء على أيّ سلوكيات خارجة على القانون في المجتمع الإماراتي. إن التوجيه بإعداد مثل هذا القانون يدلّ على وجود قناعة متجذرة لدى القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله بشأن ضرورة أن تكون المنظومة التشريعية والتنظيمية والمؤسسية الوطنية المتخصّصة في مكافحة الفساد في تطوّر مستمر، بما يجعلها قادرة على مواكبة ممارسات الفساد التي لا تتوقف بدورها عن التلون والتحوّر والتخفي، ولكي تكون المنظومة التشريعية القائمة قادرة كذلك على التعامل مع أيّ أساليب قد يسلكها من يمارسون الفساد، عبر ابتكار ثغرات وحيل جديدة للالتفاف على القوانين والقواعد المعمول بها، وبالتالي فإن القانون يستهدف تعزيز آليات حماية المجتمع الإماراتي في مواجهة تلك الممارسات. وتأتي هذه الخطوة استكمالاً للبناء الإماراتي الثابت في مجال مكافحة الفساد، وإضافة جديدة إلى الخبرات والنجاحات التي أدركتها الدولة في هذا الشأن على مدار العقود والسنوات الماضية، حتى صارت واحدة من الدول التي يشار إليها بالبنان في مكافحة الفساد على المستوى الإقليميّ، واحتلت المرتبة الثانية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2011، وفقاً لـ"مؤشر مكافحة الفساد" الصادر عن "البنك الدولي"، وأهّلتها خبرتها في هذا المجال لتأتي في المرتبة الثامنة والعشرين عالمياً، وفقاً للمؤشر نفسه في العام نفسه، متفوّقة على العديد من دول العالم المتقدم، في تجسيد صريح للمستوى المتميّز الذي وصلت إليه منظومتها التشريعية والتنظيمية والمؤسسية المتخصصة في مكافحة الفساد. ويرى المتابع للمسيرة الإماراتيّة في مكافحة الفساد أن هذه المسيرة لا تتوقف، وتتقدم بشكل مدروس إلى الأمام نحو هدفها، وهو ما يوضحه مستوى التطوّر في مقدرة الدولة على السيطرة على الفساد، التي ارتفعت من نحو 63,9 في المئة عام 2000 إلى 79,5 في المئة عام 2006، ومن ثمّ إلى 80,4 في المئة في عام 2010، وفقاً لـ"مؤشر التحكّم في الفساد"، الذي يصدره "البنك الدولي" أيضاً، وقد اقتربت الدولة، وفقاً لهذا الأداء، من مصافّ الدول المتقدمة المنتمية إلى "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، التي قدّرت نسبة سيطرتها على الفساد ومقدرتها على مواجهته في عام 2010 بنحو 89,6 في المئة، في حين أنها ابتعدت عن الدول المجاورة لها في منطقة الشرق الأوسط، وهي الدول التي لم تتخطّ نسب مقدرتها على مواجهة هذه الممارسات السلبية نحو 47,6 في المئة في العام نفسه. إن قانون مكافحة الفساد، الذي سيتم إصداره وفقاً لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، سيكون إضافة مميّزة وذات قيمة نوعية كبيرة بالنسبة إلى مسيرة دولة الإمارات في مجال مكافحة الفساد، وسيكون كفيلاً بنقل الدولة خطوات واسعة إلى الأمام، مستكملاً البنيّة التشريعيّة والمؤسساتية اللازمة، وداعماً لكفاءة الهيئات والجهود الوطنية العاملة على ضبط إيقاع الممارسات الإداريّة والتجاريّة، وإبعادها عن الميل عن الطريق السليم، بما يخدم المصلحة العامة، وينقّي الأجواء من عوامل هدر الموارد الاقتصادية، ويرفع كفاءة الجهود التنموية في الدولة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية