منذ عدة أسابيع، كانت "ساندرا تاماري" الأميركية من أصل فلسطيني في طريقها للضفة الغربية لزيارة أهلها عندما استوقفها مسؤولو المطار الإسرائيليون، وأمروها بتزويدهم بكلمة السر للدخول على حساب بريدها الإلكتروني حتى يتمكنوا من قراءة مراسلاتها الخصوصية، وأصروا على ضرورة قيامها بذلك للسماح لها بدخول البلاد. وقد تبين لنا من خلال التقارير التي تصلنا أن هذه الممارسة قد باتت تمثل إزعاجاً روتينياً، وهو ما يمكن لأي منا أن يدركه بالطبع. بيد أن الشيء الأكثر بعثاً على الانزعاج والضيق، هو ما حدث لتاماري عندما تحدثت مع مسؤول أميركي. دار الحوار بينها وبين ذلك المسؤول كالتالي: المسؤول الأميركي: هالو! لقد حصلت على رقم هاتفك من ------ على حد علمي فإنه يجري استجوابك من قبل السلطات الإسرائيلية. ساندا تاماري: إنهم يهددون بإبعادي. المسؤول الأميركي: هل أنت يهودية؟ ساندرا تاماري: لا. المسؤول الأميركي: هل سبق لك التعامل من قبل مع الحكومة، أو السلطات العسكرية الإسرائيلية. ساندرا تاماري: لا. المسؤول الأميركي: هل سبق لك المجيء إلى هنا من قبل؟ ساندرا تاماري: نعم، عدة مرات. فأنا فلسطينية وأهلي يعيشون في الضفة الغربية. المسؤول الأميركي: آه! إذن أهلك يعيشون في الضفة الغربية... في هذه الحالة ليس هناك شيء استطيع أن أفعله لمساعدتك. لا بل أن الحقيقة أنني لو حاولت التدخل لمصلحتك، فإنني سوف أضر بقضيتك مع الإسرائيليين. ساندرا تاماري: لا استطيع أن أفهم ما الذي تعنيه بالضبط. أنت تقول إنك لا تستطيع الحديث معهم. أليس لك نفوذ. إنهم يريدون الدخول على بريدي الإلكتروني. المسؤول الأميركي: لو كان لديهم عنوان بريدك الإلكتروني، فإنهم يستطيعون الدخول عليه دونما حاجة لمعرفة كلمة السر. ساندرا تامري: ما الذي تعنيه ؟ كيف؟ المسؤول الأميركي: إنهم بارعون في ذلك. ساندرا تاماري: هذا شيء يبعث على الجنون. تقصد أنه لديك علم عن هذه الطلبات للدخول على حسابات البريد الشخصية للمواطنين الأميركيين، ولا ترى ضيراً في ذلك. المسؤول الأميركي: إن ذلك موضح في تحذيرات السفر. لن يؤذوك. سوف تُعادين إلى الوطن على رحلة الطيران التالية. هذه القصة تبعث على الغضب على مستويات عديدة. فمعاملة الإسرائيليين للأميركيين من أصل عربي مهينة ومشينة على الرغم من أنها تتضاءل بالمقارنة مع المهانة اليومية، التي يتحملها الفلسطينيون عند نقاط التفتيش ومنافذ الحدود. والشيء الأكثر بعثاً على الانزعاج هو قبول هذا السلوك وذلك القدر من التجاهل المستهين الذي أظهره بعض المسؤولين الأميركيين حيال تلك الانتهاكات لحقوق مواطنيهم. وما أود قوله في هذا الصدد هو إنني أتعامل مع مثل هذا النوع من المسائل منذ 35 عاماً وقد تعرضت شخصياً لمثل هذه الاستجوابات المذلة والمحبطة على أيدي موظفين إسرائيليين. ومنذ السبعينات نقوم بإبلاغ وزارة الخارجية الأميركية بالشكاوى التي نتلقاها من مئات الأميركيين من أصول عربية الذين يسافرون لإسرائيل- أو عبرها- وللأراضي المحتلة، والذين كان يتم احتجازهم لساعات طويلة يتعرضون خلالها لاستجوابات مذلة ويحرمون من الدخول ويتم إعادتهم من حيث أتوا في المطارات، ويجبرون على شراء التذاكر للعودة إلى الوطن، أو يجبرون على تسليم جوازات سفرهم الأميركية، والحصول على وثيقة سفر فلسطينية- على غير إرادة منهم، ويحرمون من الأذن بالخروج، ويجبرون على خلع ملابسهم لتفتيشهم، وسرقة أغراضهم، أو إتلافها عمداً بواسطة مفتشي الجمارك. القصص محرجة وقد سببت ضيقاً وكدراً كبيراً للكثيرين. وهناك الكثيرون من الأميركيين من أصول فلسطينية الذين قرروا بسبب انزعاجهم وقلقهم من هذا النوع من المعاملة السيئة التوقف عن زيارة عائلاتهم. لقد طلبنا محاسبة المسؤولين عن الصمت عن تلك المعاملة المهينة في الإدارات الأميركية المتعاقبة على الرغم من انتهاكها لبنود معاهدة الصداقة مع الولايات المتحدة عام 1951، كما استجوبنا المسؤولين الأميركيين الذين لم يوفروا لمواطنيهم الحماية المنصوص عليه في الصفحة الافتتاحية بجواز السفر الأميركي. ولكن ما حدث للأسف الشديد هو أن الولايات المتحدة، وبدلاً من العمل على حماية مواطنيها ادعت العجز عن ذلك وسمحت للإسرائيليين بالاستمرار في انتهاك حقوق الأميركيين من أصل عربي من دون محاسبة، وهو عمل غير متصور على الإطلاق لأنه يهبط بالأميركيين من أصل عربي إلى مستوى المواطنين من الدرجة الثانية. والسؤال الذي لا نجد مفراً من طرحه في هذا السياق هو: هل"العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعني إلغاء حق المواطنين الأميركيين من أصل عربي في نيل الحماية المتساوية من حكومتهم؟ من تعليقات المسؤول الأميركي على السيدة "تاماري" نستطيع أن نقول إن الأمر يبدو كذلك بالفعل. فذلك تحديداً هو ما حدث لـ"ساندرا تاماري" وما حدث لعشرات غيرها من الأميركيين المنحدرين من أصول عربية من الذين اعتادوا السفر لإسرائيل- أو عبرها- وللأراضي المحتلة. لقد جرى طمأنتي من قبل العديد من وزراء الخارجية الأميركية، بأن هناك فئة واحدة من المواطنين الأميركيين، وأن حقوقنا كأميركيين من أصل عربي سيتم حمايتها وأن ذلك الموضوع، سوف تتم متابعته مع السلطات الإسرائيلية. ولقد قاموا بذلك بالفعل، ولكن التمييز الممنهج ضد الأميركيين من أصل عربي ومضايقتهم من قبل دولة إسرائيل لم تتوقف بل تفاقمت. لقد حدث ذلك لأن مسؤولينا، وبعد أن كان يتم تجاهل الاحتجاجات الأولية التي كانوا يقدمونها من قبل الحكومة الإسرائيلية كانوا يكتفون بهز أكتافهم كما لو أنهم كانوا يريدون أن يقولوا، "ليس هناك ما نفعله أكثر من هذا"، حسناً فلنفترض أنه ليس لديهم ما يفعلونه أكثر من هذا، لأنهم لا يستطيعون امتلاك أو ليس لديهم إرادة امتلاك الشجاعة السياسية الكافية لحماية حقوق جاليتي، عندما تكون إسرائيل طرفاً في الموضوع. وهم يعترفون بذلك في تحذيرات السفر التي يقدمونها لمن يرغبون في زيارة إسرائيل- أو عبرها - وللأراضي المحتلة. جيمس زغبي مدير المعهد العربي الأميركي- واشنطن