المواعيد النهائية عادة ما تدفع المرء لتركيز ذهنه. فبدون بعض الحوافز الزائدة والضغط، لا شيء يتم عمله في بعض الأحيان. والموعد النهائي هو الذي يقع في قلب واحد من أهم قرارات السياسة الخارجية التي اتخذها أوباما، ألا وهو ذلك المتعلق بتحديد الجدول الزمني لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وهو القرار الذي جوبه بانتقادات من جهات عديدة. فقد رأى السيناتور "جون ماكين" (جمهوري- أريزونا)، وآخرون أنه من خلال توضيح خطط الولايات المتحدة، يكون الرئيس قد أرسل الرسالة الخطأ إلى "طالبان" وعقد الجهود المبذولة لإلحاق الهزيمة بها. فإعلان أوباما عن "مواعيد مؤكدة" للانسحاب يعتبر إجراءً سياسياً وليس استراتيجياً -حسبما يرى. وليس ثمة ما هو أبعد من الحقيقة من هذا الزعم. فهناك من دون أدنى شك منطق استراتيجي كامن وراء إعلان مواعيد الانسحاب الدقيقة. والفارق بين موقف "ماكين" وموقف أوباما يكمن في تفسير ماهية الهدف الرئيسي في أفغانستان: هل الولايات المتحدة تحاول هزيمة "طالبان" أم أنها تريد تنصيب حكومة وطنية قادرة على الاستمرار؟ من الواضح أن "ماكين" يعتقد أن ما تريده الولايات المتحدة هو هزيمة "طالبان". وهو في هذه الحالة على حق عندما يعتقد أن القرار الخاص بإعلام العدو بخططنا غريب من الناحية الاستراتيجية -بشرط أن يكون همنا المبدئي في أفغانستان هو "طالبان". ولكن أهم عامل في أفغانستان -أو ما يشير إليه الاستراتيجيون بـ"مركز الثقل" ليس "طالبان"، وإنما حكومة كرزاي. فالعقبة الكؤود التي تقف في طريق تحقيقنا لأهدافنا في أفغانستان ليست كامنة في أعدائنا فقط وإنما أيضاً في حلفائنا. وعلى رغم شراسة "طالبان" وخطرها إلا أنها ليست قادرة على إسقاط حكومة كرزاي، فالقادر على ذلك هو حكومة كرزاي نفسها من خلال عدم فاعلية الإدارة والفساد، وانعدام الكفاءة. والشاهد الآن أن كرزاي ليست لديه حوافز لاتخاذ خطوات نحو تحسين أسلوب نظامه. فطالما ظل بإمكانه الاعتماد على دعم قوات "الناتو" فإنه لا يجد هناك ما يدعوه للتعاون مع أمراء الحرب الإقليميين، أو العمل على تحسين الخدمات لشعبه، أو عقد صفقات مع قادة البشتون المحليين الذي يمكن إغراؤهم بالابتعاد عن "طالبان". وبدون إحساس بالاستعجال من جانب كرزاي، ليس من المتوقع انتهاء التمرد في أفغانستان في أي وقت قريب. وهدف الولايات المتحدة في أفغانستان ليس فقط إجبار جماعات "طالبان" على الاستسلام فذلك هدف صعب طالما ظلت تلك الجماعات قادرة على إيجاد الملاذ الآمن عبر الحدود، وإنما أيضاً تشجيع حكومة كرزاي غير الكفؤة على إجراء الإصلاحات والتعديلات التي يمكن أن تسمح لها بالبقاء اعتماداً على نفسها، وليس على الآخرين. وهذه الحكومة لن تكون على استعداد أبداً للاعتماد على نفسها ما لم يتم إعطاؤها الدافع لذلك. وتحديد موعد نهائي للانسحاب هو القرار الاستراتيجي الصحيح لتحقيق هذه المهمة. كريستوفر جيه فيتويس أستاذ مساعد للعلوم السياسية بجامعة تولين - نيوأورلينز ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي إنترناشيونال"