تفيد دراسة جديدة صدرت يوم الجمعة الماضي عن "مجلس البحث الوطني" الأميركي أنه إذا استمرت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالوتيرة الحالية، فإن الاحترار الإضافي المتوقع يمكن أن يرفع مستويات البحر بما قد يصل إلى أربع أو خمس أقدام على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة بحلول عام 2100. ومثل هذا الارتفاع سيعرض نحو 100 مليار من المنشآت التي توجد الآن في مأمن من المياه للفيضانات، حسب دراسات سابقة افترضت زيادة مماثلة في مستويات البحر. وتشمل هذه المنشآت محطات الكهرباء والمطارات والموانئ وبنى تحتية أخرى مهمة واستراتيجية. والجدير بالذكر أن المجلس الذي يمثل ذراع "الأكاديمية الوطنية للعلوم" في واشنطن، المكلف بالأبحاث، أنجز التقرير نزولاً عند طلب من ولاية كاليفورنيا. الدراسة من المتوقع أن تصبح إطاراً مرجعياً تستطيع المناطق الساحلية استعماله في التخطيط للتدابير المستقبلية التي ستتخذها من أجل التأقلم مع الوضع الجديد، كما تقول "هيذر كولي"، مديرة برنامج الماء في معهد المحيط الهادي، الموجود مقره في أوكلاند، بولاية كاليفورنيا، والذي يركز على المواضيع البيئية والاستعمال المستديم للموارد. تقديرات "مجلس البحث الوطني" جاءت أعلى من تقديرات سابقة لأنها استفادت من بحوث حديثة مقارنة مع التقديرات السابقة، وبخاصة تلك التقديرات التي نشرتها في 2007 "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية" التابعة للأمم المتحدة. غير أنه إذا كانت تقديرات "مجلس البحث الوطني" هي الأحدث، فإنها لا تمثل الكلمة الأخيرة حول الموضوع، مثلما تقول "كولي" محذرةً، وذلك على اعتبار أن الأرقام من المحتمل أن تتغير بموازاة مع تطور تقنيات قياس وتحليل معطيات مستوى البحر، وتحسن النماذج المناخية. على أن أكبر سؤال هو: ما هي السرعة التي سيتحرك بها البشر للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (وبخاصة ثاني أكسيد الكربون) الناجمة عن الوقود الأحفوري والتغيرات التي تطرأ على استعمالات البشر للأرض. غير أنه في الوقت الراهن "تستطيع المناطق الشروع في الاستفادة من هذه الدراسة في إطار تخطيطها للتأقلم مع الوضع الجديد"، كما تقول كولي. التقرير يبرز أن عوامل مختلفة تتضافر لتحدد ارتفاع مستوى سطح البحر في مكان معين. فالرياح المحلية، وأنماط حركة مياه المحيطات، وحتى حركة الصفائح التكتونية في الساحل الشرقي، والتي تتسبب في الزلازل وانفجار البراكين، يمكن أن تلعب دوراً في ارتفاع مستوى سطح البحر. وعلى سبيل المثال، فإن هزة أرضية بقوة 8 درجات على سلم ريختر بمحاذاة منطقة كاسكاديا مقابل شمال غرب المحيط الهادي، يمكن أن تغير بشكل مهم ارتفاع منطقة ساحلية فوق مستوى سطح البحر في غضون دقائق، وفق الدراسة الجديدة. كما أن رياح ظاهرة "النينيو" القوية تستطيع رفع مستويات البحر في فصل الشتاء بما قد يصل إلى قدم. وعلاوة على ذلك، فإن التغيرات التي تحدث على الكتل الجليدية الكبيرة في ألاسكا وجرينلاند والقارة القطبية الجنوبية تؤدي إلى تغير مستويات البحار على الساحل الغربي عبر تغيير توزيع الكتلة على الكوكب، ويشمل ذلك تغيرات محلية في الحقل المغناطيسي لكوكب الأرض. والواقع أن ارتفاع الحرارة لوحده يؤثر على المحيطات بطرق مختلفة، وذلك لأن البحر يتوسع من ارتفاع الحرارة لوحده. وذوبان الجليد الموجود على اليابسة يساهم في ذلك أيضاً. كما أن التغيرات التي يحدثها البشر على تدفقات الأنهار لديها تأثير كذلك، وذلك على اعتبار أن السدود تميل إلى تقليص مساهمة الأنهار من المياه في المحيطات، في حين يستطيع الاستعمال المكثف للمياه الجوفية زيادة التدفقات في البحر. وبين تقرير "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية" لعام 2007 ودراسة "مجلس البحث الوطني"، أظهرت دراسات جديدة أن ارتفاع الحرارة لعب دوراً أصغر في ارتفاع مستوى سطح البحر مقارنة مع تقديرات "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية". غير أن دور ذوبان الجليد ازداد أيضاً، حيث تعزو أحدث التقديرات 65 في المئة من ارتفاع المعدل العالمي لمستويات البحر، بين عامي 1993 و2008، إلى ذوبان الجليد. ويقدر "مجلس البحث الوطني" أنه بحلول 2030، يمكن أن يرتفع متوسط مستويات البحار بين ثلاثة وتسعة إنشات فوق مستويات 2000، وأن يتراوح بين ستة إنشات وقدمين بحلول 2050، وبين 19 و55 إنشاً بحلول 2100. هذا في حين كانت أعلى تقديرات "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية" لعام 2007 تشير إلى ارتفاع قد يصل إلى 23 إنشاً بحلول 2100. وبالنسبة للساحل الغربي، فإن أرقام "مجلس البحث الوطني" الخاصة بنهاية القرن هي أكثر ارتفاعاً من توقعات "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية" التي صدرت في 2007 أيضاً، وإن كانت مناطق مختلفة تتبنى طرقاً مختلفةً. غير أنه بغض النظر عن أي التقديرات التي ستثبت أنها الأكثر احتمالاً مع مرور الوقت، فإن المعدلات لا تخبرنا بالقصة الكاملة، كما يقول ربورت دالرمبل، المهندس المدني بجامعة جون هوبكينز في بالتيمور، والذي ترأس لجنة "مجلس البحث الوطني" التي أجرت الدراسة. وقال دالرمبل في بيان: "بينما يرتفع مستوى سطح البحر، فإن عدد ومدة العواصف القوية تزداد، كما أن الأمواج العالية يتوقع أن تتصاعد"، مما يزيد من احتمالات تدهور المناطق الرطبة، وتآكل الشواطئ والمنحدرات الصخرية المطلة على الساحل، وزيادة الفيضانات. بيت سبوتس محرر الشؤون العلمية والتكنولوجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"