تمثّل دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- نموذجاً للعطاء الإنسانيّ متعدد الأوجه، الذي يسعى إلى تخفيف معاناة الفئات المعوزة والمحتاجة في العديد من دول العالم، ولهذا تتعدّد مبادراتها النبيلة في هذا المجال. أحدث هذه المبادرات تمثّلت في المساعدات الإنسانية التي قدّمتها "هيئة الهلال الأحمر"، مؤخراً، إلى المتضرّرين من الجفاف في موريتانيا، وسوف تحرّك الهيئة بعد أيام قليلة، شحنة مساعدات أخرى، تتضمّن 50 طناً من المواد الغذائية للمتأثرين في شمال جمهورية مالي، وذلك ضمن برنامجها لدرء آثار كارثة القحط والجفاف وتخفيف معاناة المتأثرين بها في الساحل الغربي لأفريقيا بشكل عام. في الوقت ذاته من المقرّر أن تنطلق في الأسبوع الأول من شهر يوليو المقبل حملة الشيخة فاطمة لمكافحة العمى في القرى المصرية، لتقديم خدمات علاجية وجراحية ووقائية في مجال طب العيون وجراحتها للمرضى المعوزين من الأطفال والمسنّين في مختلف المحافظات المصرية، وذلك بمبادرة من حملة "زايد العطاء" بالتعاون مع وزارة الصحة، وبالشراكة مع "الاتحاد النسائي العام"، وبإشراف "المستشفى الإماراتي الإنساني". هذا النشاط الإنساني الفاعل الذي تقوم به دولة الإمارات على أكثر من مستوى، وفي العديد من الدول، يعبّر بوضوح عن فلسفة العمل الإنساني الذي تنتهجه الدولة على الساحة الخارجية، الذي يرتكز على العديد من الأسس والمبادئ المهمة: أولها، أنه عمل مؤسسيّ تقوم على النهوض به العديد من المؤسسات والهيئات العاملة في الدولة، التي تحظى بالدعم والرعاية والمساندة المباشرة والمستمرة من قِبل القيادة الرشيدة، وهذا يزيد من فعاليتها ويعظم من دورها ويوسع من تأثيرها في المناطق التي توجّه خدماتها إليها. ثانيها، شمولية هذا النشاط الإنساني، حيث لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية إلى الفئات المحتاجة وتخفيف معاناتها فقط، وإنما يمتدّ أيضاً إلى التحرك إلى مناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع مشكلاتها والمشاركة في الجهود الإنسانية للتخفيف من معاناتها عن قرب، كما هي الحال في المساعدات التي قدّمتها وتقدمها "هيئة الهلال الأحمر" إلى موريتانيا ومالي ودول غرب أفريقيا، التي تأثرت بموجة الجفاف التي أدّت إلى نقص حادّ في المحاصيل الزراعية وانعدام الأمن الغذائي وارتفاع سوء التغذية خاصة بين الأطفال، حيث ذهبت الهيئة إلى هذه الدول، وتعرّفت احتياجاتها على أرض الواقع، وحرصت على إيصال المساعدات إلى مستحقّيها بشكل مباشر، لتعمّ الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن للسكان المحليين. ثالثها، أن هذا النشاط يمثّل بعداً مهماً من أبعاد السياسة الخارجية للدولة منذ إنشائها عام 1971، حيث يستهدف الإنسان المحتاج إلى المساندة والمساعدة في كل مكان من العالم من دون نظر إلى جنسه أو عرقه أو دينه، وهذا ما يكسب الدور الإنساني للدولة على الساحتين الإقليمية والدولية الصدقية والفاعلية. لقد تبوّأت دولة الإمارات مكانة متقدّمة ضمن منظومة القوى الخيّرة في العالم وأصبحت ركناً مهماً من أركان العمل الإنساني الدولي بشهادة المنظمات العالمية المعنية بهذه القضية، باعتبارها صاحبة المبادرات الإنسانية النبيلة في تطوير هذا العمل وتعظيم مردوداته الإيجابية على المستويات المختلفة في مناطق العالم كافة. ــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.