لدى مشاهدتي فيلم «أرغو» مؤخراً، عادت بي الذكريات إلى طفولتي وتحديداً إلى مرحلة الصف الثاني في المدرسة. كان ذلك في عام 1979، أثناء أزمة الرهائن في إيران، عندما أصبحْتُ على وعي كبير بكوني المسلمة الوحيدة في مدرستي الحكومية. وقد أدركْتُ حتى في تلك السن المبكرة أن فهم زملائي وأساتذتي لحقيقة المسلمين محدود للغاية. وقد بقيتُ صامتة نظراً لعدم قدرتي على شرح ديانتي وثقافتي وشعرْتُ بالقلق واللهفة والارتباك. والآن مرت ثلاثون سنة، وأصبح ابني الأصغر سناً في الصف الثاني، وما زالت ديانته الإسلامية مجدداً في الأضواء. وعلى رغم حقيقة أن معظم الناس أصبحوا اليوم أكثر معرفة بالمسلمين مما كانوا عليه عندما كنت أنا في تلك السن، إلا أن هناك جواً من عدم الثقة المتزايد والعداء تجاه الإسلام يمتد بشكل محزن حتى إلى المسلمين الأميركيين أنفسهم. ولا أستطيع كوالدة إلا أن أكون قلقة مرة أخرى. فما الذي يسمعه ابني وأخوه الأكبر سناً عن دينهم في المدرسة؟ ما هي الأمور السلبية التي تقال عن المسلمين مما يمكن أن يستوعباه؟ كيف يشكّل ذلك هويتهما ووعيهما الذاتي في النهاية؟ لكن على رغم القلق والتحديات التي تواجهها الجالية الأميركية المسلمة، إلا أنني مفعمة بالأمل. وكمؤلفة لكتب الأطفال، شعرْتُ بسعادة غامرة إذ سنحت لي الفرصة لنشر كتاب صور موضوعه الإسلام، عنوانه «ليلة القمر: قصة عيد مسلم»، حيث أعرض في هذه القصة مشاهد شهر رمضان وعيد الفطر عبر عيون طفل. وهدفي هو التركيز على النواحي الاحتفالية لهذه المناسبات من خلال أشياء يفهمها جميع الأطفال، مثل الحفلات والحلويات والهدايا. ويبرز الكتاب حقيقة أن المسلمين هم جزء من نسيج المجتمع الأميركي، وأننا نتشارك في القيم التي نحملها جميعاً والمتعلقة بشؤون المجتمع المحلي والأعمال الخيرية والأسرة. وقد تبنّى التربويون والمراجعون «ليلة القمر» بحماسة. وعانقتني مدرّسة سيطر عليها الانفعال والسعادة في أروقة مدرسة حكومية عندما كنت أقوم بزيارة كمؤلفة للكتاب. وقد أدرَكَت، مثل غيرها حاجة التلاميذ المسلمين لرؤية أنفسهم في الأدبيات. وأخبرني بعض الأهالي المسلمين بأنهم اقتنوا الكتاب في زياراتهم للمدرسة وتبرعوا به للمكتبات. وذكر أناس غير مسلمين أن الكتاب ساعدهم بأساليب عديدة، مثل جارتي التي قالت: «أنا خجولة لأن أعترف بأنني لم أفهم أبداً ما هو رمضان إلى أن قرأت كتابك لطفلتي». وكتاب الصور الأخير الذي نشرْتُه، وعنوانه «قباب ذهبية وقناديل فضية: كتاب إسلامي من الألوان» يعتمد هو أيضاً على مفهوم الألوان ويعرّف بالأشياء الإسلامية الشائعة، مثل سجادة الصلاة والحجاب. ومرة أخرى غمرني الدعم الواسع لهذا الكتاب بين المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. وقد شعر المسلمون بالشكر والعرفان لوجود شيء جميل يتمسكون به ويعرضهم في صورة إيجابية، وبذل بعض غير المسلمين جهوداً كبيرة ليخبروني بمدى أهمية الدور الذي يرون أن الكتاب يلعبه في التعريف بالإسلام. وتشكّل الكتب المصوّرة، على رغم أنها لم تكن شيئاً أعتبره عامل تغيير في السابق، مصدر تثقيف لكل من الأطفال والراشدين الذين يقرأونها للأطفال. وهي تستطيع أن تضيف إلى ثقافة الشمولية والتنوع التي يثمنّها معظم الأميركيين، وتستطيع المساعدة على إشباع فضول عدد كبير من المواطنين الأميركيين التواقين لفهم الإسلام. وآمل أن تساعد كتبي الأطفال المسلمين على الشعور بالفخر بتقاليدهم، وعلى أن يرفعوا رؤوسهم عالياً لأنهم مسلمون. ــــ ــ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هينا خان كاتبة أميركية ومؤلفة كتب أطفال ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»