شهدت مصر خلال الآونة الأخيرة موجة جديدة من الاحتجاجات، دعت إليها القوى السياسية، وذلك غداة الدعوة لإجراء حوار وطني اليوم السبت. أقطاب المعارضة من «جبهة الإنقاذ»، أعلنوا قبل القاء الرئيس كلمته بأنهم يحملون السلطة السياسية، المسؤولية الكاملة عما يحدث من عنف في مصر اليوم، وأكد د. محمد البرادعي استمرار الحشود حتى تحقيق المطالب، وهي: إلغاء الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء على هذا الدستور. حمدين صباحي حذر من الدم الذي يراق حول أسوار قصر الرئاسة. أما عمرو موسى فقد طالب الرئيس بتقديم عرض رسمي للحوار لإنهاء الأزمة بشأن الدستور. الرئيس في خطابه أعلن عن رغبته بالحوار لكنه في نفس الوقت أكد على تمسكه بإلاعلان الدستوري وإصراره على الاستفتاء حول الدستور 15 ديسمبر الحالي... إذن لماذا الحوار؟ وما هي الأرضية المشركة لإجراء الحوار؟ فإذا لم يتم إلغاء الإعلان الدستوري أو تأجيل الاستفتاء على هذا الدستور... فإننا أمام إشكالية واضحة، فـ«الإخوان المسلمون» فقدوا مصداقيتهم أمام الشعب العربي في مصر وكل الأقطار العربية بعد وصولهم للسلطة. السؤال: لماذا لم يتم التنازل عن الإعلان الدستوري أو تأجيل الاستفتاء على الدستور حتى يتم الحوار مع القوى السياسية المختلفة في مصر حقناً للدماء وضمان استقرار مصر سياسياً؟ من الواضح بأن «الإخوان» لا يريدون الديمقراطية، ولا يؤمنون بها، فهم بعد وصولهم للسلطة يحاولون التخلص من التزاماتهم السابقة بأنهم سوف يلتزمون بالحكم الديمقراطي والتعددية السياسية والفكرية، وأنهم سوف يعملون مع الجميع لضمان الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. لكن حب «الإخوان» للسلطة وإفراطهم في النزعة السلطوية والإصرار على خداع الناس ومناوراتهم برفض التعاون مع جميع القوى السياسية لوضع الدستور الجديد، وجاء الإعلان الدستوري ليكشف زيف ادعاء «الإخوان» بأنهم يؤمنون بتدوير السلطة. القوى الليبرالية والقومية واليسارية اعترضت على مشروع الدستور الجديد، لأنه يحتوي على لغة مبهمة وغير واضحة تفتح الباب أمام التأويلات وتثير المخاوف... الجواب واضح، وهو أن استقلال القضاء واحترامه والالتزام بأحكامه تعتبر عنصراً أساسياً ومن أهم ركائز الحكم الديمقراطي ضماناته في الفصل بين السلطات وفي حماية الحقوق وترسيخ قيم العدل والمساواة. لماذا نتخوف نحن عرب الخليج من تدهور وعدم استقرار مصر واستمرار حكم «الإخوان» المسلمين للشقيقة مصر؟ ينبع تخوفنا من حقيقة أن تنظيم «الإخوان» سواء في مصر أو دول الخليج أو الوطن العربي ليس حزباً ديمقراطياً مفتوحاً. وليس لديه نهج ديمقراطي واضح، ولا يملك رؤية تنموية يمكن بها إقناعنا بأن إدارتهم لمصر أو غيرها من الدول سيكون لصالح الشعب. فـ«الإخوان» لديهم تنظيم سري وبنية الجماعة وهيكلية عملهم وتنظيماتهم الداخلية كلها ذات طبيعة غير ديمقراطية، كما أن تنظيمات «الإخوان» وأقطابهم في الخليج شاركوا في بعض الحكومات الخليجية ووضعوا مناهج التعليم في أكثر من بلد وتدير تنظيماتهم وزارات الأوقاف والعدل في أكثر من بلد خليجي، ماذا كانت النتيجة؟ خلق حالة من التوتر والتمزيق المجتمعي بخلق الفتنة والتفرقة باسم الدين والحفاظ عليه... فهل نتعلم من درس ما حدث في مصر؟