كشفت «جمعية متطوعي الإمارات»، مؤخراً، عن أن 500 متطوع من أعضائها نفّذوا، خلال شهرَيْ نوفمبر وديسمبر 2012، نحو 5520 ساعة تطوعية في أكثر من 13 فعالية، وهو ما يعكس ازدياد الوعي المحلي بأهمية ترسيخ ثقافة التطوع في الدولة. إن ثقافة التطوع بما تمثّله من سلوك حضاري تمارسه المجتمعات المدنية تأكيداً للترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد، هي ثقافة حاضرة وممتدة في المجتمع المحلي في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ القِدم وإن اختلفت المسميات الدالة عليها، وهنا يبرز بشكل خاص مفهوم «الفزعة»، الذي ينطوي على معاني العون والغوث والتعاضد. وقد سعت الدولة خلال مسيرة الاتحاد إلى إرساء ثقافة التطوع وتنظيمه ابتداءً من عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من خلال القانون الاتحادي بشأن الجمعيات ذات النفع العام الصادر عام 1974، الذي لحقته العديد من التعديلات لتتوافق مع متطلبات النمو في الدولة، كان آخرها في عام 2008. وتدرك القيادة الرشيدة في الدولة قيمة نشر ثقافة التطوع، باعتبارها فرصة لاستثمار الطاقات والخبرات، ولاسيما الشابة، في خدمة المجتمع، بما يساعد على تلبية احتياجاته من خلال تنفيذ البرامج الإنسانية والاجتماعية، وتعزيز القيم الأخلاقية فيه، وتحفيز السلوكيات الإيجابية كالتعاون والإيثار والخدمة العامة وغيرها، إضافة إلى تعزيز انتماء المواطن واعتزازه بوطنه وتقوية التلاحم الوطني بين أفراد المجتمع. في هذا السياق جاء البرنامج الوطني للتطوع الاجتماعي «تكاتف» ليمثل ترجمة لرؤى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في غرس ثقافة التطوع في المجتمع، وفرصة للشباب لاستثمار أوقات فراغهم في برامج التكافل الاجتماعي. كما شهدت الدولة ولاسيما في السنوات الأخيرة إطلاق العديد من البرامج ومبادرات التطوع، وإنشاء العديد من المؤسسات التطوعية التي نفذت العديد من الأنشطة التطوعية في سبيل دعم القضايا المجتمعية، سواء في الدولة أو خارجها. ولعل «مبادرة زايد العطاء»، من أبرز المبادرات النوعية التي تم إطلاقها في هذا الشأن، إذ حققت هذه المبادرة العديد من الإنجازات على الصعيدين المحلي والإقليمي في العديد من المجالات، فكان من أبرز حملاتها «حملة المليون متطوع» التي أطلقت لاستقطاب مليون متطوع للمشاركة بمليون ساعة تطوع. الأمر الجدير بالملاحظة في هذا الشأن هو أن دولة الإمارات في ترسيخها لثقافة التطوع حرصت على تكريس جميع إمكاناتها، ولذا حرصت على استغلال التكنولوجيا لتحقيق هذا الهدف، من خلال برنامج التطوع الإلكتروني لـ«مبادرة زايد العطاء»، لضمان وصول المبادرة إلى كل شرائح المجتمع، حيث يهدف هذا البرنامج إلى غرس ثقافة العطاء والعمل التطوعي بين مختلف شرائح المجتمع باستخدام أحدث التقنيات وتسخيرها، ويتيح لأصحاب الخبرة في مجالات التقنية فرصة لاستخدام مهاراتهم للتميز في ميدان العمل التطوعي. ولأن الإمارات تطمح إلى إشراك جميع فئات المجتمع باختلاف جنسياتهم وأعمارهم من دون استثناء في الحملات والأعمال التطوعية، فقد جعلت برامج التطوع مفتوحة أمام الجميع، وتعد «أكاديمية الإمارات للتطوع»، التي تحتضنها إمارة أبوظبي، من أبرز الأمثلة على ذلك، فهذه المؤسسة بما تمثله من ريادة على الصعيد العربي، تعد أول مؤسسة خدمية تستهدف تدريب المتطوعين، ليس في الإمارات وحدها بل في الدول العربية عبر برامج تدريبية تشمل الأفراد والمؤسسات.