تحرص القيادة الرشيدة على التخفيف من أعباء تكاليف الزواج، إدراكاً منها لأهمية بناء أسر جديدة مستقرة بعيدة عن ضغوط الديون والقروض، الأمر الذي يتطلب ترسيخ ثقافة مجتمعية، تقوم على مبدأ عدم الإسراف، تأكيداً لقول الله تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأعراف 31). فالإسراف هو خروج عن الوسط والاعتدال، بما يؤدي إلى إهدار المال والوقت والجهد والموارد، ليكون سبباً رئيسياً لما تعانيه الأسر من مشاكل اقتصادية، وما يترتب عليها من تبعات اجتماعية. وفي كثير من الأحيان نجد الأعراس تشهد إسرافاً مبالغاً فيه، سواء ما يتعلق بشراء مستلزمات بيت الزوجية من أثاث ومقتنيات وملابس، أو ما يتعلق بالعرس ووجبات الطعام التي تقدم فيه، التي لا يأكل الناس منها إلا كميات قليلة، ثم يذهب معظم ذلك الطعام إلى صناديق القمامة، ومعظمها لا يخرج عن دائرة التباهي والتفاخر، لتجرّ فيما بعد إلى معضلات اجتماعية، قد يكون من بينها الطلاق أو عزوف الشباب عن الزواج وتزايد العنوسة بين الفتيات. ولهذا لابد من تثقيف الشباب في سن مبكرة، بضرورة الأخذ بثقافة الادّخار وتنميتها، من خلال برامج توعية تربوية وتعليمية وثقافية، تنهض بها المؤسسات التربوية والإعلامية والدينية والمنظمات النسوية، وتثقيف الفتيات كذلك بشروط الزواج الناجح، وضرورة الترشيد في النفقات، والحد من الطلبات. والعمل على مجافاة مظاهر البذخ، في نفوس النشء الجديد، لينعكس إيجابياً على مستقبلهم، بما يجنب المجتمع مشكلات التفكك الأسري وحالات الطلاق المتزايدة، التي باتت تشكل معضلة اجتماعية. ومن هنا، فإن تنشيط دور صندوق الزواج، على مستوى ترسيخ عوامل الاستقرار للأسر الجديدة، يعد ضرورة ملحة، من خلال العمل على تحصينها بالوعي، وإعدادها لمواجهة ما ينتظرها من شؤون الحياة، عبر برنامج "إعداد" الذي يتطلب منه لفت الانتباه إلى ثقافة الإسراف في الزواج، والعمل على إنشاء لجان لمتابعة الأعراس، من قبل الصندوق للاستفادة من المنح على نحو صحيح، وتعريف كل طرف بالمسؤوليات والواجبات المفروضة عليه تجاه الطرف الآخر. ومن هنا تبرز أهمية الأعراس الجماعية، إذ تسعى القيادة الرشيدة إلى إنجاح هذه التجربة وتعميمها باعتبارها "سنة حسنة"، وذلك لدورها في تنظيم بنْية المجتمع واستقراره، ومواجهة مشكلة التكاليف الباهظة، التي تدفع بالكثير من الشباب إلى تأجيل فكرة الزواج أو رفضها، كما أن الزواج من السنن الإسلامية التي شرعها الإسلام لمقاصد سامية، ولتحقيق غايات عظيمة جليلة، منها: أنه وسيلة من وسائل العفاف والإحصان، وديمومة النوع البشري والإنساني، هذا فضلاً عن كون الزواج وسيلة إيجابية لتحقيق الأمومة والأبوة وصناعة الأجيال المتلاحقة وتكريس روح التكافل الاجتماعي. إن شبابنا خاصة ومجتمعنا الإماراتي بوجه عام، مطالَب اليوم بالتجاوب مع ما طرحه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لخفض كلفة حفلات الزواج، من خلال وقف الوجبات الرئيسية في مناسبات الزواج، والاكتفاء بالاستقبال وتقديم الضيافة الخفيفة، وذلك تخفيفاً من الأعباء المالية على المقبلين على الزواج. والانطلاق في حملة وطنية لخفض تكاليف الزواج، والحد من الظواهر السلبية القائمة على المباهاة والتفاخر، ودامت الأفراح عامرة في ديارنا بإذن الله. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية