تيمورلنك (1336-1405) هو أبرز قائد عسكري في آسيا الوسطى في فترة القرون الوسطى. وقد تمكن من إعادة بناء إمبراطورية المغول التي أسسها جنكيزخان (1167-1227) التي امتدت من بولونيا إلى كوريا وفييتنام وسواحل روسيا. ونظراً إلى ضخامة المهمة التي ندب تيمورلنك نفسه إليها فقد عاش في حالة حرب شبه دائمة من أجل الحفاظ على حدود امبراطوريته الواسعة. وقد وصل تيمورلنك إلى مرتبة رئيس وزراء – حاله في ذلك حال أريئيل شارون – حيث قام في العام 1370 بإقصاء الخان وأعلن أنه سيستعيد إمبراطورية المغول السابقة. ولهذا قام باكتساح أراض وبلدان جديدة. وهو ما قد خلف دماراً هائلاً تمثل في الأكوام الكبيرة من بقايا الجماجم البشرية لتذكر الناس بانتصاراته. ودخل إلى سورية في العام 1401 وذبح عشرين ألفاً من أهل دمشق وهزم السلطان العثماني بايزيد الأول.
وكان تيمورلنك قائداً عسكرياً ذا سطوة مثله مثل شارون الذي قام بزيارة الحرم القدسي في 29/9/2000 في ظلال الحراب ثم انتخب رئيساً للوزراء في 7/2/2001 بعد أن أسقطت الانتفاضة الفلسطينية الثانية سلفه "ايهود باراك" . ويوصف شارون بأنه عريق في إجرامه ودمويته كتيمورلنك وجنكيزخان. ونظراً إلى تعدد جرائم شارون فإنها أكثر من أن تحصى طوال العقود الأربعة الماضية. وإذا كانت مذبحة صبرا وشاتيلا عالقة في الذهن فإن مذابحه ضد الأسرى المصريين في حربي 1956 و 1967 قد فاقت الـ 15 ألف شهيد.
ولقد سئل مرة شاب إسرائيلي: كيف ترى القضية الفلسطينية. فأشار إلى فوهة بندقيته وأجاب بأنه يراها من خلال فوهة البندقية، حاله في ذلك حال شارون في حربه الإبادية ضد الشعب الفلسطيني. فلغة التدمير والإرهاب والإفزاع والسيطرة على الأراضي والقتل والاغتيال والاعتقال هي اللغة الوحيدة التي تفهمها قواته المسلحة. والمهم هو خلق حالة جماعية للنزوح خارج الوطن (ترانسفير). إن شارون في أعماله هذه يواصل أعمال تيمورلنك وأعمال أسلافه. وهذا واضح في مذكرات قادة الصهيونية وإسرائيل أمثال جابو تنسكي وبن غوريون وبيغن وديان وغيرهم كثير.
وإذا كان شارون قد وجد معلمه في التاريخ القديم، وهو تيمورلنك، فإنه وجد في التاريخ الحديث بعض معلمين في الحركتين الصهيونية والفاشية. فقد كان جابوتنسكي (1880-1940) صهيونياً أصيلاً لذلك جعل في دستور منظمته "بيتار" أن هدف الصهيونية تحويل أرض إسرائيل – وضمنها شرقي الأردن – إلى كومنولث يهودي. ولهذا يرى شارون أن قرار مجلس الأمن 242 (1967) يهدف إلى منحه بتعبير "الحدود الآمنة" الحق في المطالبة بأجزاء واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة. ولهذا فإن شارون يعتبر أراضي الضفة والقطاع أراضي متنازعاً على ملكيتها. ومما شجعه على هذا الموقف وزير الدفاع الأميركي الحالي دونالد رامسفيلد حين وصف الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عدوان 1967 بأنها "غنائم حرب".
وإذا كان شارون ينأى بنفسه عن أن يشبه بتيمورلنك، فهو قد تباهى بتلمذته على يدي جابوتنسكي الذي قال "الصهيونية مغامرة استعمارية لذلك فإن نجاحها أو فشلها يعتمد على القوة العسكرية... لكن الأهم هو القدرة على القتل". وإذا كان شارون هو التلميذ المخلص لمعلمه جابوتنسكي فإن حربه الإبادية ضد الشعب الفلسطيني قد جسّدت قدرته على القتل والإبادة والاغتيال وتدمير البنى التحتية وتدمير المنازل وجرف الأراضي المزروعة وإعدام الأسرى والمدنيين والحصار والتجويع ومنع إسعاف الجرحى وتركهم ينزفون حتى الموت... وغير ذلك كثير مما ارتكبه شارون من خروق لأحكام القانون الدولي فجعلته مجرماً يجب أن يقدم إلى محاكمة دولية.
لقد آمن شارون بقولة جابوتنسكي بأن الله أنزل السيف والتوراة على اليهود، لذلك فإن شارون يدعم التنظيمات اليهودية الإرهابية والدينية، وبخاصة تلك التي تعتقد أن الله خص شعب إسرائيل بالأرض ما بين النيل والفرات. وهو المعنى الذي يرمز إليه الخطان المتوازيان في العلم الإسرائيلي.
على مسؤولية شارون أكثر من ألف شهيد ومئات البيوت المهدمة، هي حصيلة السنة الرابعة من الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك فإن شارون لن يكفيه ذلك فهو تيمورلنك وجنكيزخان القرنين العشرين والواحد والعشرين معاً.