إن كان فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بحق استضافة معرض «إكسبو الدولي 2020» ثمرة جهود طويلة من العمل والتنمية، وثقة عالمية كبيرة في قدرات الدولة على استضافة مثل هذا الحدث الاقتصادي العالمي المهم، فإن استضافة المعرض في حد ذاتها ستمثل نقطة انطلاق جديدة لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة في مسيرة التنمية والاضطلاع بدور مهم على المستوى العالمي، باعتباره مركزاً عالمياً للتجارة والمال والأعمال. إن استضافة هذا الحدث سيكون لها تأثيرها الإيجابي الكبير في الأداء الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد توقع تقرير حديث صادر عن «بنك الكويت الوطني» أن يحقق هذا المعرض زيادة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة تقدر بنحو 23 مليار درهم (84,5 مليار درهم)، وذلك خلال السنوات الخمس من 2015-2020، وهي زيادة تقدر بنحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي، كما أن هذا النمو من شأنه أن يضيف عدداً كبيراً من فرص التوظيف، قدرتها بعض التقارير في وقت سابق بما يزيد على ربع مليون وظيفة جديدة، وهو ما يجسد المكاسب الكمية التي سوف يجنيها الاقتصاد الوطني من استضافته لهذا المعرض. على الجانب الكيفي، فإن استضافة الحدث ستكون لها تداعياتها الإيجابية على مجمل المشهد الاقتصادي والتنموي في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهو سيمثل مناسبة يتحقق فيها عدد من المكاسب المعنوية لهذا الاقتصاد، من أهمها: أولاً، اجتذابه عدداً كبيراً من الشركات العالمية والمستثمرين الجدد، وهي خطوة مهمة على صعيد تأصيل المكانة التي يتمتع بها الاقتصاد كمركز عالمي للتجارة والأعمال، ومن المرجح أن يصعد الاقتصاد الإماراتي إلى صدارة الوجهات المفضلة للاستثمار في نشاطات تجارة التجزئة على مستوى العالم، وتبرز أهمية هذه المكانة في ظل نظام اقتصادي عالمي يتجه نحو المزيد من التقارب والانفتاح وتزداد فيه حدة المنافسة على الأسواق، بل تتنامى فيه أهمية بؤر تركز النشاطات التجارية في ظل التداعيات المتوالية للأزمة المالية العالمية، التي ما زالت تمثل تحدياً أمام نشاطات التجارة العالمية. ثانياً، ستجلب هذه الشركات معها تكنولوجيات وأساليب إنتاج جديدة إلى الاقتصاد الوطني الإماراتي، وسيتم تطويع وتوطين هذه التكنولوجيات وأساليب الإنتاج في النشاطات الاقتصادية في الأسواق المحلية، وهو ما سينعكس بالتأكيد بشكل إيجابي على معدلات الإنتاجية وكفاءة المنتج الوطني الإماراتي وتنافسيته في الأسواق العالمية فيما بعد، وهو مكسب ذو أثر مستدام في الأجل الطويل. ثالثاً، من شأن استضافة معرض إكسبو الدولي أن تدفع بنشاطات تجارة التجزئة والسياحة والقطاع العقاري والبنى التحتية والنقل والمواصلات والاتصالات إلى النمو والتوسع بمعدلات تزيد كثيراً عن المعدلات التي كانت متوقعة في الظروف الطبيعية، أي من دون استضافة المعرض، وهو ما سيساعد على زيادة إسهام هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، ويدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام بخطوات أكثر سرعة على طريق التنويع. رابعاً، سيكون لتنظيم المعرض على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، وقدوم نحو 25 مليون سائح إليها، وافتتاح فروع جديدة للشركات العالمية في الدولة، دور مهم في الترويج العالمي للنموذج التنموي الإماراتي، وللنجاحات والإنجازات التي حققتها، وهو مكسب معنوي مهم، سيمكن الدولة من اعتلاء المكانة العالمية التي تستحقها بين دول العالم المتطور. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.