تمثل العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وكوريا الجنوبية، نموذجاً للعلاقات المتطورة التي تقوم على قاعدة قوية من المصالح المتبادلة والمشتركة؛ ولذلك فإنها تمضي بخطوات ثابتة إلى الأمام، وتشهد نقلات نوعية ومتتالية في المجالات المختلفة، وهذا ما عبرت عنه المباحثـات التي أجراها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع معالي كيم كوان جين، وزير دفاع جمهورية كوريا الجنوبية، خلال زيارته لدولة الإمارات مؤخراً، وهي التي تناولت أوجه التعاون بين البلدين في الشؤون الدفاعية، وكيفية تفعيلها ،خاصة فيما يتعلق بمجالات آليات التنسيق والتعاون المشترك والبرامج التدريبية، وتبادل الخبرات والشراكة الاستراتيجية بين الجانبين. إن أهم ما يميز علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة مع كوريا الجنوبية، ويدفعها دائماً إلى الأمام، أنها تقوم على إدراك متبادل من جانب قيادتي الدولتين، بأهمية تطوير هذه العلاقات في المجالات كافة، وهذا ما تؤكده مسيرة العلاقات بينهما خلال السنوات القليلة الماضية، فقد تم اختيار تحالف شركات تقوده شركة كورية جنوبية؛ للقيام بالتصميم والبناء والمساعدة في تشغيل أربعة مفاعلات نووية، ضمن البرنامج النووي السلمي الإماراتي، فضلاً عن تنامي العلاقات التجارية بين الدولتين بصورة تلفت النظر، خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن إجمالي التبادل التجاري بين الدولتين بلغ عام 2012 نحو 21,977 مليار دولار، ويقدر حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين بـ 3,236 مليار دولار؛ منها: 2,7 مليار دولار هو استثمارات للدولة في كوريا، ونحو 0,53 مليار دولار هو استثمارات كوريا في دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى أن عدد المسافرين سنوياً بين الإمارات وكوريا، ارتفع من 50 ألفاً عام 2008 إلى 70 ألفاً في 2010، ووصل إلى 100 ألف العام الماضي، فيما نما عدد السياح الإماراتيين إلى كوريا عام 2012 بنحو 18% لتأتي في المركز الثاني بعد السعودية، في الوقت الذي ارتفع فيه إجمالي قيمة عقود الشركات الكورية في الدولة بنهاية العام الماضي، نحو 103 مليارات درهم (28 مليار دولار)، مقابل 94 مليار درهم (25,6 مليار دولار) عام 2010. وعلاوة على ما سبق، فإن هناك تعاوناً بين الدولتين في مجالات عدة؛ كنقل التكنولوجيا، وإنشاء شركات مشتركة، في ظل اقتناع مشترك، بأن مثل هذه العلاقات تتيح كثيراً من فرص التعاون التي من المهم استثمارها لما يخدم المصالح الوطنية لكل دولة، فدولة الإمارات تحرص على الاستفادة من التجربة الكورية في مجال التصنيع والتكنولوجيا، في إطار توجهها الخاص بتوطين التكنولوجيا، بينما تستفيد «سيئول» من موقع دولة الإمارات؛ بوصفها مركزاً للتجارة والمال والأعمال والسياحة في الشرق الأوسط، وتحرص على توسيع علاقاتها معها في المجالات كافة. تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة، بقــيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، رؤية واضحة لعلاقاتها الخارجية، تتسم بالتوازن وبعد النظر، وفي إطار هذه الرؤية، يأتي اهتمام الدولة بعلاقاتها مع القوى الإقليمية الصاعدة والمؤثرة في آسيا، وعلى رأسها كوريا الجنوبية والصين، وما تحققه من نجاحات ملحوظة في هذا المسار، وخاصة أن ما تمتلكه من تجربه تنموية رائدة ومميزة في إطاريها الإقليمي والدولي، يجعل هذه القوى حريصة على الانفتاح عليها، وتمتين التعاون معها في المجالات المختلفة.