يقول المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية في منظمة اليونسكو معلقاً على ما كتبت في مقالتي السابقة «أنا الخليجي»: مقالك مقدمة وسيتوقع قراؤك وأنا منهم أن مقالة أو مقالات قادمة ستأتي لتحلل ما تضمنه مقالك، فهو مقال يقود إلى بناء أرضية نقاشية مهمة. ربما من الموضوعية أن أقول إن صحيفة «الاتحاد» لها الدور في بناء مثل هذه الأرضية، فهي اليوم تترك لنا مساحة كبيرة من الحرية نناقش قضايا مصيرية تمر بها منطقتنا العربية والإقليم الخليجي بالأخص. عندما كتبت مقالتي «أنا الخليجي»، فكان ذلك من باب الخوف الكبير الذي يحدق بالمنطقة، والخوف منبعه التسطيح لما يحيط بنا، فنحن في دول الخليج العربي نتفاوت في تطورنا السياسي والاقتصادي ومشاكلنا الاجتماعية، إلا أننا نلتقي على أرضية صلبة. كنت دائماً أكرر أن هذه الدول الخليجية، لم تمر بانقلابات مماثلة لما حدث في البلاد العربية، وهي لها خصوصية تنبع من قاعدة شعبية واسعة تبارك الحكم، وتريد له مزيداً من التوافق لأننا على قناعة بأن التغير في الحكم ليس لصالحنا، وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها في ظل الظروف، التي تمر بها المنطقة العربية والمتغيرات العالمية. بكل تأكيد هناك مشاكل في كل قطر يجب الالتفاف حولها ومعالجتها قبل أن تتفاقم، وربما الأهم أن تدرك نظمنا السياسية أن معالجات الاختلالات وسيلة تجنبنا الكثير من الأذى القادم، الذي اعتقد أنه من الممكن حسابه ضمن نظرية الاحتمالات. منظومة «التعاون» تشكلت في ظروف تاريخية كما قال الأمير سعود الفيصل في «لقاء المنامة»، الذي شاركت فيه، فالظروف التاريخية حتمت الصيغة التعاونية لصد التغير الكبير في الإقليم الخليجي الذي تعرض لاهتزازات كبيرة. المشكلة الكبيرة التي تواجهنا أن صيغة الحماية الأمنية مازالت كما هي لم تتغير، بمعنى أن أمننا الخليجي ليس بأمن حكومات منفصلة عن شعوبها، فالأمن منظومة متكاملة تشمل الشعوب والحكومات والنظم السياسية. ولعل البيان الختامي في قمة الكويت، يؤكد لنا استمراراً نمطياً يعبر عن قصور في فهم الأمن الخليجي. فاليوم لدينا متغيرات كبيرة، ولعل أهمها تحول إيران إلى دولة فاعلة في قضايا الشرق الأوسط، وهي اليوم تتفاوض على استمرار جميع أذرعتها السياسية ومنها على الأخص «حزب الله» اللبناني! أميركا دخلت بمفاوضات سرية مع إيران، وهي اليوم تتفاوض مباشرة مع «حزب الله» تحت حجة محاربة «القاعدة» فـ«الشيطان الأكبر» الأميركي تجلس معه هذه القوى للتفاهم على أرضية جديدة للتحالفات القادمة. والمصيبة الكبرى أن محاربة «القاعدة»، هي اليوم تتحول إلى ذريعة تدخلنا في مواجهات طائفية مصطنعة، وهنا بيت القصيد. فالمنطقة تتمزق بمباركة لحلفائنا التاريخيين لأنهم يعتقدون أن الراديكالية الدينية هي نتاج لمدارس السُنة، ومن ثم العمل على صيغ جديدة تضعف الطرف السُني تحول إلى حقيقة نلمسها. وبكل تأكيد الأطراف الإسلامية جميعها هي الخاسر الأكبر لأنها تجري وراء السراب، كما قال الشيخ محمد الصباح في حوار المنامة الذي سبق قمة الكويت. والسراب هو أحد علاتنا الخليجية لكون بعض من دولنا تعتقد أنها تحلق في سماء القوى الكبرى، دون أن تعي حقيقة التاريخ، نقول للمرة الألف نحن لسنا على عداء مع الجارة إيران بل نسعى للتوافق.