مع أن الموضوع لم يحظَ باهتمام كبير في واشنطن، إلا أنه من الواضح تسببه في خلاف دبلوماسي حاد بين الولايات المتحدة والهند على خلفية اعتقال دبلوماسية هندية في نيويورك لمعاملتها السيئة لمربية أطفالها، حيث رفض مسؤولون حكوميون بارزون في الهند استقبال وفد الكونجرس الأميركي الزائر، فيما أزيلت الحواجز الأمنية من محيط السفارة الأميركية بنيودلهي، بل إن الحكومة الهندية تراجع حالياً الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها المسؤولون الأميركيون في البلد. هذا التوتر في العلاقات الهندية الأميركية تعود بدايته إلى الأسبوع الماضي عندما اعتقلت شرطة نيويورك "ديفياني خوبرجادي"، المسؤولة عن الشؤون السياسية والاقتصادية والتجارية والمشرفة على قضايا المرأة بالقنصلية الهندية في نيويورك لأسباب متعلقة بتزوير معاملات التأشيرة، فقد تقدمت الدبلوماسية الهندية بطلب تأشيرة لمربية أطفالها، وهي مواطنة هندية قالت إن راتبها الشهري يصل إلى 4500 دولار، لكن ديفياني أرغمت المربية على توقيع عقد عمل جديد لا يتجاوز راتبها فيه 537 دولارا شهرياً، وفي حال إدانة الدبلوماسية الهندية بما نسب إليها من تهم ستواجه عقوبة بالسجن قد تصل إلى عشر سنوات، إلا أنه وبحسب التقارير الإعلامية الهندية تعرضت "ديفياني" لمعاملة مهينة على يد الشرطة، بعدما تم تقييدها وهي توصل أطفالها إلى المدرسة وإخضاعها للتفتيش قبل أن يُطلق سراحها بكفالة مالية على ذمة التحقيق. لكن في المقابل تقول وزارة الخارجية الأميركية إنه تم احترام الإجراءات القانونية وأن السيدة الهندية ليست خاضعة لقانون الحصانة الدبلوماسية لأن الجرائم التي ارتكبت ليست مرتبطة بوظيفتها ولا بمهامها، ووفقاً لبعض الحالات يمكن لمسؤولي القنصليات، خلافاً لمسؤولي السفارات، التعرض للاعتقال إذا ارتبكوا جنحاً معينة، غير أن الهند مع ذلك لم تقتنع بهذه الحجج التي ساقتها وزارة الخارجية الأميركية، مشيرة إلى أحد بنود اتفاقية جنيف التي تنظم العلاقات الدبلوماسية والتي تنص أنه في حال وُجهت تهم لمسؤول قنصلي فإنه "يتعين إجراؤها بما يحترم مكانة الشخص". والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها هذه المشاكل بين المسؤولين الهنود وسلطات مدينة نيويورك، ففي عام 2012 أمر قاض في المدينة بأن يدفع دبلوماسي هندي مبلغ 1.5 مليون دولار كتعويض على "المعاملة الوحشية" لخادمته، وأيضاً في عام 2011 اتهم القنصل العام الهندي في نيويورك بإكراه مساعده على العمل الشاق، بيد أن الهند لا ترى في هذه الحوادث سوى نمط متكرر من المعاملة الأميركية المهينة لدبلوماسييها، وإنْ كان العامل السياسي يظل حاضراً بقوة في التوتر الأخير، فالهند مقبلة على سنة انتخابية يتنافس فيها كل من حزب "المؤتمر" الحاكم وغريمه حزب "باهاراتيا جاناتا" على إبداء صمودهما في وجه الولايات المتحدة والمزايدة على هذا الموضوع، وهو ما يفسر رفض مسؤولي الحزبين معاً استقبال وفد الكونجرس الأميركي القادم للهند. ومع أنه كان بمقدور المسؤولين الأميركيين التعامل مع هذه القضية بطريقة أفضل لما تنطوي عليه من حساسية سياسية، إلا أنه من الغريب أيضاً، في ظل الدعوات المتصاعدة داخل الهند بسن قوانين لحماية حقوق عمال المنازل، أن يختار الإعلام الهندي في هذه الحادثة بالذات تحميل المسؤولية لأميركا. جوشوا كيتينج كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"